
لم يدم التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا، طويلا، على خلفية "إجلاء" الناشطة أميرة بوراوي، خلافا لما عهدته العلاقات المتذبذبة بين البلدين على مدى أكثر من ستين عاما.
وأطفأت مكالمة هاتفية بين الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الجمعة، جمرة خلاف تنبأ متابعون بأن يطول، حيث اتهمت الجزائر في فبراير الماضي المخابرات الفرنسية بإجلاء المعارضة الجزائرية التي تحمل الجنسية الفرنسية كذلك، وهي التي كانت تواجه محاكمة على خلفية تدوينات على فيسبوك.
توتر مزمن
بلغ التوتر ذروته حين استدعت الجزائر سفيرها بباريس "للتشاور"، معربة في "مذكرة رسمية" وجهتها إلى فرنسا عن "احتجاجها بشدة على عملية الإجلاء السرية وغير القانونية" لبوراوي المطلوبة للقضاء الجزائري.
وأوقفت الناشطة السياسية بوراوي في تونس حيث كانت تواجه خطر الترحيل إلى الجزائر وتمكنت أخيرًا من ركوب طائرة متجهة إلى فرنسا بمساعدة أعضاء من السفارة الفرنسية بتونس، وهو ما أغضب الجزائر، وهدد بعصف التصالح مع باريس الذي توجته زيارة ماكرون للجزائر شهر أغسطس 2022.
والجمعة، أعلن قصر الإليزيه ومعه قصر المرادية بالجزائر أن الرئيسان تحادثا هاتفيا، وأنهما اتفقا على التنسيق بينهما تفاديا لتكرار ما حدث مع بوراوي.
وتطرح هذه الانفراجة تساؤلات عدة أبرزها عما وراء هذه المصالحة السريعة بين باريس والجزائر؟ ما وجه الاختلاف مع التوترات السابقة؟ وهل تحصلت الجزائر على أي ضمانات؟
لا يرى المحلل السياسي الجزائري، فيصل مطاوي أن هناك انفراجة كاملة في العلاقات الجزائرية الفرنسية بل "مجرد بداية للتصالح".
وفي اتصال مع موقع الحرة، شدد مطاوي على أن الملفات الخلافية بين باريس والجزائر لا تزال عالقة وخص بالذكر ملف الذاكرة المرتبط بحقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر.
ومنذ انتخابه عام 2017، لم يتوقف ماكرون، أول رئيس فرنسي ولد بعد حرب استقلال الجزائر (1954-1962)، عن محاولة تطبيع العلاقات بين الشعبين.
وضرب ماكرون عندما كان مرشحا للانتخابات على وتر حساس عندما وصف الاستعمار بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، وقد ضاعف مذاك مبادراته في ملف الذاكرة.