إحياء للدين و تعزيز للوحدة الوطنية و مصدر أساسي لتمويل التنمية.
من المعلوم أن الزكاة هي الركن الثالث في الإسلام و لا يقبل إسلام بدون زكاة، و هي أداة رئيسية من أدوات تمويل التنمية و تساهم في إعادة توزيع الدخل بشكل أفضل، و من أسباب كبح الضغائن و الحسد و الحقد بين الأغنياء و الفقراء.
و يعد مشروع المرسوم الصادر في مجلس الوزراء يوم الإثنين الموافق.26/12/2022 القاضي بإنشاء حساب تحويل خاص يسمى “بيت مال الزكاة الموريتاني” خطوة في غاية الأهمية على المستوى الشرعي و على مستوى تعزيز اللحمة و الوحدة بين فئات المجتمع و على المستوى الاقتصادي.
فمنذو الاستقلال و إلى يوم صدور المقرر أعلاه لم يقم أي رئيس لنا وهو ولي أمرنا من جباية الزكاة و توزيعها على فقراء الشعب، و أوكلت إقامة هذا الركن على إيمان كل مسلم موريتاني تتوفر فيه شروط أداء الزكاة، بخلاف ما بدأ به أول خليفة لرسول الله صل الله عليه وسلم أبوبكر الصديق خلافته، حيث جهز الجيوش لقتال مانعي الزكاة و كانت قولته المشهوره ( والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كان يؤدونه إلى رسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعه )، من هنا كانت الأهمية الشرعية لإنشاء بيت مال الزكاة الموريتاني، الذي أحيا به السيد الرئيس محمد ولد محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني ركنا أصيلا من أركان الإسلام.
و تعد الزكاة أداة رئيسية في إرساء الأمن و السكينة بين شتى طبقات المجتمع، فجلب أنصبة الزكاة من الأغنياء و توزيعها على الطبقات الهشة في المجتمع، ينزع الضغائن و الحسد بين الأغنياء و الفقراء و يزيد من الألفة و اللحمة بين طبقات المجتمع.
و بخصوص الدور الاقتصادي للزكاة، فمنذو بزوغ دولة الإسلام بقيادة رسول الله محمد بن عبد الله صل الله عليه و سلم، كانت الزكاة مصدرا أساسيا من مصادر تمويل بيت مال المسلمين، و تتسم عائداتها بالديمومة و الوفرة، فهي تجبى كل ما حل الحول على النقدين أو الماشية، و تجبى عند حصاد الزرع، و نسبها من النقدين و الماشية و الزرع تُأمن عائدات معتبرة وهو ما أدركه فخامة رئيس الجمهورية بإنشائه لحساب تحويل خاص يسمى بيت مال الزكاة الموريتاني، ليكون أول لبنة لجمع و جباية الزكاة و من ثم توزيعها على مستحقيها.
مشروع المرسوم أعلاه يكتسي من الأهمية الدينية و الفعالية الإجتماعية و الاقتصادية، ما يجعل إنشاء بيت مال الزكاة الموريتاني هدف إستراتجي تأخر تحقيقه ردحا من الزمن، و يتطلب نجاحه مجموعة من التدابير و الإجراءات أولها أن يجنبه رئيس الجمهورية تجاذب اللوبيات و الحسابات القبلية الضيقة، و أن يتولى هو نفسه تعيين طاقمه من بين الكفاءات الوطنية المشهود لها بالنزاهة و العفة.
و ثانيها أن يكون على رأس جهاز التسيبر إقتصادي مالي على دراية عالية بإستراتجيات خلق الثروة و مكافحة الفقر، و على رأس مجلسها الإداري عالم دين مشهود له بالتبحر في علوم الدين، و أن يضم مجلس الإدارة في تشكيلته جميع ولاة الولايات و ممثلين لعلماء الدين و إقتصاديين و ممثل لإتحاد أرباب العمل الموريتاني و ممثل عن هيئات المجتمع المدني.
و الله من وراء القصد.
د محمد الأمين شريف أحمد