عُرِفت الشهور الواقعة بين أغشت ومارس في الثقافة الشعبية هنا بشهور الراء، وهو وصف يتضمن سمات مشتركة لهذه الشهور الستة منها عدم الاعتدال؛ حيث تبدأ بالحر وتنتهي بالقر، ففيها "ألاوه" وفيها "لگريس". وفيها يحصد الزرع وتحبل المواشي ويضع بعضها (الغنم) وفيها تقل حاجتها للماء؛ للجزوء في أولها (يسمونه "الزَّزُو") وللبرد في آخرها.. إلخ.
بيد أن لشهور هذا النصف من العام سمات فردية مأثورة كقولهم: "اشتنبر اشرب واتغنبر" تعبيرا عن لفح سَموم "ألاوه" الذي يدعو لتغطية الجسد وتهييجها للعطش. وكقولهم: "أكتوبر النهار اجمر والليل اصمر". وكان يسرهم نزول المطر في أكتوبر لأنه يرطب النبات فتستمر خضرته إلى نهاية الشتاء، ولعل أمطار هذا الشهر (اكتوبريات) نادرة كما يفهم من تأريخهم بها.
في منتصف نوفمبر يبدأ فصل الشتاء بملامحه المعروفة، ويبلغ مداه في "لگريس" وبالذات في "حُمّارِه" حيث الثاني عشر من دجمبر الذي يسمون ليلته ليلة "يب" (12) وينصحون فيها بجودة العشاء والتدفؤ، ويسمون الشهر بالعموم "دجمبر الأصم".
مع يناير يستبشرون بخفة البرد؛ ولذا يقولون إنه "ينير البرد" ويستمر الحال هكذا حتى انقضاء فبراير مع أن الربيع يبدأ في منتصفه.
يمثل مارس معبر الخروج من شهور الراء، ويمتاز بالتقلبات المناخية السريعة المتباينة؛ وهو ما يسمونه "أجعال مارس" وكنت قد أفردته بتدوينة خاصة به.
قد يسوغ القول هنا (بالموجب؛ فنحن في أكتوبر) إن من أجود ما يدخل في الموضوع مما علق بي من النسيب قول أديب شعبي:
فِيَّ لحـــزيم إبان خازّْ ** بِيَّ شــوفةْ فاكتوبر
خيمه من لوبر تل فاز ** ريهَ خيمه من لوبر
مع ما قد يُرمى به من سطحية وخلو من المعنى حسب أذهان المتلقين.
أخيرا كان السكان هنا يعتمدون التقويم اليولياني (أو الشرقي) وهو متأخر بثلاثة عشر يوما عن التقويم الاغريغوري الذي جاءت به فرنسا؛ ولذا عرف بحساب النصارى، بينما عرف الأول بحساب المسلمين لأنه كان موجودا لدى المجتمع قبل الاحتلال الفرنسي.
(الصورة بعدستي، ومن مسقط رأسي)