في بلاد الأولياء، والفقهاء، والذرة الصفراء، والأذكياء الأغبياء،
أصبح الشعراء والكتاب والساسة كالعيادات الخاصة والصيدليات والمخابز ومحترفي الشعوذة والدجل، والمتاجرين بالمشاقة الشعثاء، ترتفع شهرتهم في جمهور ضاربة الودع، و قارئة خطوط الرمل، بصرخة تمجيد مبتذلة تطلقها عانس أمية، سليطة اللسان معوجة البيان، أو عبارة وقحة ينحتها مراهق غبي ويلحقها بنسب جنس أدبي منقرض ومنحط...
أصبح الانبهار في هذه الديار حالة سريعة الانتشار، كتأثير الغلاء، وفتاوي الغوغاء، يصوغها الصف السفلي، ويُسَوِّقها الطابور الواقف خلف مجسم لآدمي يعرض موضة نزول السراويل، وفضوليون يتدافعون حول دمية أنثى تروج غواية الثوب المحدِّد...
حين يخبو وهج الأمة المنكوبة في قيمة المعرفة، والمفجوعة بسرقة القرامطة لإبرة الميزان، ينطفئ القبس في بطن الوادي مختنقا تحت الرماد، وقل على الدنيا السلام...
نعم..نعم.. كم من شاعر في أيامنا هذه وكم من طبيب وكم من كاتب وكم من سياسي علا صيتهم بملتوية طباع تمارس العويل بمحاسن الأجسام العليلة، أومتسكع في مجاري العفن يجفف ذقون الهابطين،،
فالساقطون للساقطات، وبائعات الجسد وحدهن يحتجن إلى محترفي المهن الرذيلة للعبور إلى وادي الذئاب...
في أرض الرمال المتحركة تتكاثر الأوجاع، وتتراكم رداءة الأوضاع، ويمسي أدعياءالثقافة والمشاعر والأدب كائنات أكولة تقتات من ريع الملق وفجور الطباع، ونفخ أسلاك الأتربة عن صلع أشباه البشر العاجزين عن أنة تنبئ بانتماء صحيح إلى السلالة الآدمية، وتصبح القصيدة من فئة المتشابهين وجعا يعوي في شقوق الأبواق الصدئة...
مساكين، مساكين، من يتضخمون ب(اتهيدين) العوانس الآيسات المتخلفات عن ركب الثقافة، والغلمان الأميين المتخففين من مراتب الشرف والكبرياء...
مساكين من ينتفخون وينتفعون بباعة الصراخ..