على الصعيد الاجتماعي و الاقتصادي، ما زال الموريتانيون يعيشون ظروفا معيشية قاسية،و لولا بقية خير طفيف من التكافل الاجتماعي و طبيعة المجتمع الموريتاني المصابر،لخرج الناس إلى الطرقات يجأرون و يشكون، من شدة و قرص الحاجة و الفقر،لكن الحمد لله على الإيمان.
و مع ذلك لله الحمد، تتناقص أعداد المتسولين فى الطرقات،و هي ظاهرة قابلة للإندثار و المنع،لأن الفقراء عندنا يتكبرون عليها،و لعلها تحتاج إلى دراسة و علاجات، عسى أن تختفي نهائيا،و هي عادة سيئة،بدأت معزولة،فى الفترات الأخيرة، و يمارسها أساسا بعض الوافدين.
و على مدار هذه السنة، من حين لآخر، تحصل عمليات سرقات متنوعة و قتل مع الحرق أحيانا، و كذلك عمليات الإغتصاب،و مهما قيل عن دور التسرب المدرسي و خطاب الكراهية المروج من قبل البعض،إلا أن انتشار الانحراف الخلقي و شرب الخمور و استعمال المخدرات،سيظل من أهم روافد الجريمة، فى المدن الكبرى،و هو ما يستدعى السهر على هذا الجانب و التفكير و الإعداد الجدي،فى مختلف السبل،للقضاء على هذا الجو الإجرامي المقلق،سواءً تعلق الأمر بمنح الأجهزة الأمنية المزيد من العناية ،عبر زيادة وسائلها المالية و تعميق مستوى تكوينها و تدريبها،كما أن أصحاب التعليم و الإعلام و مختلف المنابر ،مدعوون للتعامل بحذر و حرفية، مع موضوع انتشار الجريمة و توسعها،عسى أن نتمكن يوما من الحد منها،،فهي خطر محدق بالجميع.
و على المجتمع و الأهالى كذلك، مسؤولية جسيمة فى هذا الصدد.
و على الصعيد الصحي، اتسم الخريف هذه السنة، بمحدودية الأمراض الموسمية،سوى ما حصل فى قرية "آجوير"،و تم التغلب عليه، لله الحمد،إلا أن تهتك الشبكة الطرقية فى مختلف اتجاهات السير،سمح بتكرر حوادث سير متنوعة مؤلمة،و فى جانب الأدوية و الأغذية،مازالت مصدر تهديد لساكنة هذا الوطن ،دون استثناء،فلم تتمكن بعد الجهات المعنية، من الحد المطئمن، من استيراد الأدوية و الأغذية الفاسدة.
و فى الداخل تجد بعض الأقسام المزدحمة،بحجم ١٧٠ تلميذ،يجلسون على صعيد أجرد،و عموما مازال التعليم الابتدائي، و فى القرى تحديدا،فى بعض الولايات،شاهدا على ضعف سياسة الدولة و وسائلها المرصودة لهذا القطاع المحوري ،المتخلف عندنا.
و فى مجال الاستخراج المنجمي،يتواصل نهب خيراتنا،نظرا لغموض الكميات و قلة المردودية،و فى عهد ولد عبد العزيز،سادت عمليات مريبة فى هذا المجال و ظلمت جهات وطنية،مستهدفة،تكريسا للزبونية،و إذا عرفنا الغاز ، فى الأفق الزمني القريب المرتقب،دون تغيير أساليب التسيير الاستحواذي الأناني،فلن تستفيد الدولة، و لا الشعب،من باب أولى.
كما يتواصل إنهاك ثروتنا السمكية،على يد شركة بولى هوندوك، الصينية المثيرة للجدل،و بسبب عوامل عدة، و ربماالتلوث البحري، بوجه خاص،إثر الانتشار و التوسع الفوضوي لشركات "الموكا"،تحولت نواذيبو لمدينة طادرة صحيا،كما أن "اسيانير" يواصل هتكه للتوازن البيئي و السلامة البشرية،فى أكجوجت و ضواحى تازيازت،دون رقابة أو عقاب رادع!.
و فى مجال الحريات،مازالت الصحافة ،محل تجاهل و إهمال،و بوجه خاص الصحافة المستقلة،الممنوعة رسميا من الاشتراكات،و لم يبق لها إلا دعم سنوي ،تتهاتف عليه مئات المؤسسات الإعلامية،الجادة و الوهمية،و هو فى الحقيقة، لا يغنى من جوع و لا عطش،و لهذا أضحت الصحافة الورقية،بوجه خاص،فى حالة موت سريري، تقريبا.
أما فى منتصف السنة ،و يوم 22/6/2019،تحديدا ،فقد أجريت انتخابات رئاسية ،لم يتوقع البعض حسمها فى الدور الأول،و شكك البعض فى كفاءة و استقلالية اللجنة المستقلة للانتخابات،لكن غزوانى بهدوءه و استقباله لبعض رموز المعارضة و أغلب مرشحى الرئاسيات المنصرمة،و تكريسه لسياسة الانفتاح على المعارضة الراديكالية، و تأكيده على ذلك فى خطاب الاستقلال،كل هذا خفف من أزمة الانتخابات،بل خلق جوا سياسيا جامعا هادئا واعدا،حاول ولد عبد العزيز أن يشوش عليه، لكنه فشل.
و تحققت فى هذه السنة القطيعة مبكرا، مع منحى الإشادة الإعلامية بالعشرية،و ربما لو استمر ولد غزوانى و حكومته فى التماهى مع عشرية ولد عبد العزيز، لما حقق هذا القبول،المثير للتفاؤل،وسط حالة موريتانية صعبة عموما،و تحتاج للكثير من الجهود.
و لكن للحزم و لمصلحة التوازن و استمرار النصح،فلتبق الموالاة فى مسارها و المعارضة فى خندقها.