تكبت الطبقة السياسية الأنفاس هذه الايام في انتظار انطلاق الأيام التشاورية المرتقبة أملا في بلورة مخرجات ناجعة لمواجهة وضع البلد المتأزم على نحو متزايد بسبب تراكم عوامل الفساد و سوء التسيير و تمييع العدالة مع بروز شبح التداعيات الخطيرة للحرب الروسية الأوكرانية من الناحية الاقتصادية و الأمنية و غيرها على بلادنا. و بين الحين و الآخر يأتي من يقذف براشقات تخوين و تشويه لا طائل من ورائها ، و تذكي صراعات عرقية و شرائحية عفى عليها الزمن ، لا تؤدي إلا إلى تعكير صفو الحوار او التشويش عليه : فإن هوية البلد اليوم أصبحت شبه محسومة مع تراجع النفوذ الانفرنكفوني في المنطقة و إن اشراك الأقليات بموضوعية أضحى ضرورة قصوى لدعم اللحمة الوطنية و تامين الجبهة الداخلية...
إني لأهيب بأطراف اللعبة السياسية الوطنية للسمو فوق المفاهيم والمصالح الضيقة ، و تغليب المصلحة العليا للوطن ، فبلدنا يعيش الآن أوضاعا صعبة و غير مستقرة في فترة حرجة و استثنائية، عنوانها الأبرز هو ضعف الأداء الحكومي من خلال عدم فاعلية الاجراءات المتخذة تجاه إزهاق أرواح مواطنينا الأبرياء و استباحة حدودنا من قبل الجيران ، و التغاضي عن غلاء المعيشة و تردي الخدمات الاساسية كانقطاع الماء و الكهرباء عن احياء العاصمة و غيرها ناهيك عن تآكل البنية التحتية الطرقية الرئيسية (طريق الأمل و نواكشوط – انشيري و غيرها ) مع غياب الصيانة ، و عدم نجاعة التدخل لنجدة قطاع التنمية الحيوانية المهدد بالإبادة تحت ضربات الجفاف... و لقد ظلت الادارة ْالمحلية قاصرة عن أداء المهام المنوطة بها بشهادة فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في تصريحاته الأخيرة.
و لمواجهة هذا الوضع المقلق ، فمن الطبيعي إذن أن يشكل الحوار بارقة الأمل لدى المهتمين بالشأن العام ، خاصة و ان اللجان التحضيرية مشكورة قد وضعت اليد على مكمن الخلل ، فأقترحت المواضيع المناسبة لورشات التشاور : الحكامة و الوحدة الوطنية و الديمقراطية.
فعلينا ان نغتنم هذه الفرصة بتحييد الخلافات و عقد التفاهمات في سبيل الاتفاق على الحلولالمناسبة و العملية لإنقاذ وطننا الجريح قبل فوات ألأوان ، فكلنا في نفس المركب .. و لن يفلح الأرض إلا عجولها.
حمى الله موريتانيا من عبث المفسدين و كيد الخائنين.
أممــــد ولد أحمـــد