نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية قبل يومين، مقالا حول رواية "صمت الآفاق" للكاتب أمبارك ولد بيروك الملقب "شيخو"، وهي الرواية المرشحة حاليا لنيل جائزة Orange لتكريم الكتاب الإفريقي.. يشيد المقال بهذه الرواية الصغيرة والرائعة لكنه لا يوفها حقها..
في الحقيقة ما يقوم به بيروك بجدارة هو صياغة "امراد غارقة في الموريتانية" بأسلوب غارق في "الفرنسية".. "صمت الآفاق" التي سبق لي أن تحدثت عنها في هذه الصفحة بعيد صدورها، هي استمرار لأعمال بيروك السابقة.. إنها رواية تغوص في أغوار النفس البشرية مستبطنة دوافع السلوك الإجرامي لدى البطل/الراوي من خلال رسم ملامح تراجيدية لجنيالوجيا العنف والقتل في التاريخ المجتمعي الموريتاني عبر ومضات وإشارات تستحضر ثنائية ذلك الصراع التاريخي بين العرب والزوايا.. يهيم البطل "العربي" على وجهه هاربا بعد أن اعتقد بأنه قتل "بنت الشيخ/الزعيم" خنقا على شاطئ انواكشوط.. مترددا بين تسليم نفسه للسلطات وبين الإختفاء في الصحراء على آثار والده الذي عاش هو أيضا تطارده شبهة التسبب في مقتل "الشيخ/الزعيم" والد الفتاة الضحية، قبل عشرات السنين..
وتتجلى القدرات الإبداعية للكاتب بيروك ليس فقط في جزالة الأسلوب وقاموس المفردات الرفيع، ولكن أيضا في التمكن من نسج "أساطير موريتانية" معاصرة غاية في الروعة ودقة التعبير، تعيد إنتاج قصص أنسنة "أهل لخله" في الموروث الشعبي لكن ضمن ديكور العولمة وحرب النجوم..
باختصار، لقد فتتحت رواية "صمت الآفاق" للزميل بيروك ، آفاقا رحبة وجديدة للسرديات الموريتانية، ربما تمكنها من ولوج سلس للأدب العالمي .. لكن تبقى مأساة هذا الروائي الموريتاني المبدع هي كونه غير معروف تقريبا لدى القراء باللغة العربية في بلاده، رغم نجاحاته المتعددة إفريقيا وعالميا..
في لقاء ماض مع الروائي بيروك، داعبته قائلا: "متى ستصدر هذه الرواية الجميلة بالعربية؟".. فرد علي بعفويته المعهودة والصادمة: "أح أص.. ما عندي ش ظرك لغسلة أهل العربية"..
https://www.lemonde.fr/afrique/article/2022/04/30/le-silence-des-horizon...