في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضع من خلاله سمات المسؤولية الدينية و الأخلاقية وسمات الحضارة والمدنية، يجد المسلم النموذج والمرجع ليسلك الطريق الصحيح حيثما حل وارتحل وفي كل زمان ومكان.
بمضامين هذا الحديث تحدث رئيس الجمهورية وخاطب الجميع كل من موقعه ومن مسؤوليته، لقد اراد في خطابه بمناسبة تخرج اكبر دفعة في تاريخ المدرسة الوطنية للإدارة 37% نساء، ان يجعل من الحدث تاريخا وتوجيها ووقفة مصارحة وتأمل وتجديدا للعهد والعقد مع الشعب الموريتاني.
تحدث رئيس الجمهورية بالعامية وبكلمات المواطن ومعاناته وإحساسه، تحدث عن الماء والكهرباء والأوراق المدنية والإدارة والكرامة والخدمة والمسؤولية والإلتزام والوطنية والمواطن والوطن.
كانت نبرة خطابه صارمة وصادقة وحازمة وصريحة، بعيدا عن لغة المهدئات والسياسة في مجتمع يتعاطى السياسة صغيره قبل كبيره.
تابعت الخطاب من داخل استديوهات التلفزة الموريتانية، حيث كنت مدعوا للتعليق على خطاب الرئيس، حضرت بصفتي الأكاديمية كأستاذ جامعي.
ذكرت في بداية تعليقي على الخطاب انه يصب في نفس السياق الذي جاء فيه خطاب وادان. فقد كان خطاب وادان خطاب دولة بكل المقاييس واختار له الرئيس البعد التاريخي والزمكاني والإجتماعي ايضا، فحمل صفات التجديد والإصلاح والرمزية والإنصاف تماما كما كان خطاب المدرسة الوطنية للإدارة.
لا يختلف اثنان على ضرورة التعرض للجانب السلبي من موروثنا ، كما لايختلف اثنان على فشل بلدنا في بناء ادارة عصرية تخدم المواطن وتبني الوطن بسب الإختلالات الكبيرة. لقد ذكر السيد الرئيس الجميع بأن بناء الوطن مسؤولية مشتركة ولن يتم ذلك الا بتكامل الأدوار. لقد انتقد الإدارة نيابة عنا جميعا وحث الولاة والمسؤولين على اخذ المبادرة والإتصال بالمواطنين والإطلاع على احوالهم ومشاكلهم في مراكز اقامتهم وانتقد مستوى الخدمات في المرافق العمومية واتساع الهوة بين الإدارة والمواطنين.
سيقول قائل نحن ننتظر افعالا لا اقوالا وهو محق في ذلك،لكنني واثق ان رئيس الجمهورية يعي ذلك ايضا وهذا ما يفهم من خطابه الصارم ، فليس كل شيء يحتاج الى تفسير، بعض الكلمات تفهم بمجرد الأسلوب الذي تنطق به.
يبقى ان اشير هنا الى ان المشروع الإصلاحي الذي يحمله رئيس الجمهورية والذي على اساسه دعمناه وندعمه دعما لا دخن فيه، يحتاج الى دماء جديدة وخطوات عملية، فتشخيص الواقع نصف الحل لكن الصورة لن تكتمل الا بخطوات فعلية تكمل النصف الآخر وفي هذا المجال اعتقد ان النقاط التالية في صلب الموضوع:
١- تفعيل الرقابة بمختلف آدواتها بدء بالزيارات الميدانية والمفاجئة للقطاعات؛
٢ - تفعيل مبدأ العقوبة والمكافأة بصرامة؛
٣ - حسن اختيار المسؤولين على اساس الكفاءة بعيدا عن الولاء السياسي؛والزبونية؛
٤- رفع مستويات الرواتب؛
٥ - اعادة النظر في نظام التقاعد الذي يخلق مجموعات من الفقراء سنويا؛
٦- الغاء المجالس الجهوية فهي فكرة خاطئة اصلا والمواصلة فيها خطأ آخر.
وفي ما يخصنا كمواطنين يجب ان ندرك ان مسؤوليتنا لا تقل في اهميتها عن مسؤولية رئيس الجمهورية، فكل منا راع وكل منا مسؤول عن رعيته وبالتالي فالبناء من اجلنا لاكن لن يتم الا بنا.
إن هذا الوطن الذي لا وطن لنا غيره يستحق جمع جهودنا في جو ملؤه الوطنية، الوطنية، الوطنية والعدالة والمساواة والتضحية والمسؤولية والإنصاف وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
الدكتور/ المصطفى افاتي