إستجابة لما وعدنا به من الوقوف إلى جانب رئيس الجمهورية في محاربة الفساد، في تدونة ( معا...ضد الفساد) السابقة، نستهل موضوع واقع القطاع العقاري في بلادنا، بنظرة خاطفة على تاريخ السياسات العقارية من الإستقلال إلى يومنا هذا، و ما صاحب هذه الحقبة من تشكل طبقة المفسدين.و ذلك في الحلقة الأولى على أن تتولى فصول البحث بعد ذلك من خلال:
ب- التعريف بطبقة المفسدين، و التعرض لبعض وسائلهم الخبيثة في الحصول على أراضي شاسعة دون وجه حق؛
ج- أسباب فشل القطاع العقاري؛
د- مساهمة في وضع استراتجية سياسة عقارية ناجحة.
توطئة تاريخية للبحث:
إعتمدت الدولة الموريتانية، مقارابات متعدد و متباينة، في تسيير القطاع العقاري، و في كل مرة تعطى صلاحية منح القطع الأرضية لجهة معينة، فبعد أن كانت جهة إختصاص المنح وزارة المالية من الإستقلال وحتى 1985، أصبحت وزارة الداخلية ممثلة في الولاة و الحكام هي الجهة التي تمتلك صلاحية منح القطع الأرضية في عموم التراب الوطني بإستثناء مقاطعة تفرغ زينة بقي إختصاص المنح فيها لوزارة المالية، وظل الحال على حاله حتى مارس 2010، و بعد ما تأكد فشل المقاربة المعتمدة، تم إسناد إختصاص المنح لوزارة المالية من جديد، مع إستثناءات لصالح وزارة الإسكان، شملت بعضا من أحياء مقاطعات في نواكشوط و نواذيبو و الشامي و كيهيدي و سيليبابي... لصالح الوكالة الحضرية و مؤسسة إسكان و مقاطعة الطينطان عُهد منح القطع الأرضية فيها لمؤسسة إعمار الطينطان.
هذا المسار، يدل على التخبط و عدم وجود سياسة عقارية واضحة لها أهداف منشودة، وكان كافيا ليعمق و يزيد من تدهور وضعية العقار في بلادنا، فَتَعدَّدَ المنح المزدوج لدرجة أنه أصبح يهدد السلم الإجتماعي، و راكم ملفات النزاعات العقارية بشكل غير مسبوق على رفوف مكاتب جهازنا الإداري والقضائي.
هذا التخبط في إنتقال منح القطع الأرضية من وزارة المالية إلى وزارة الداخلية، و الرجوع إلى وزارة المالية و وزارة الإسكان، صاحبه تَشكُّل طبقة عريضة من المفسدين تضم إداريين و وكلاء إدارة، و رجال أعمال، و سماسرة، حصلت على ثروة هائلة بسبب الإفساد الممنهج، في القطاعات المختصة في إعداد المخططات الحضرية و الريفية و الصناعية و التجارية، و القطاعات المعنية بإعداد رخص الحيازة، على حساب الدولة والشعب، و ما زالت مافيا الفساد، تنخر في جسم هذه القطاعات إلى حد الساعة، و تتوسع مستخدمة كل وسائل الضغط من أجل أن يظل الواقع كما هو و يستمر موسم جني المال الفاسد.
... يتواصل بإذن الله على أن نتوسع في الفقرة الموالية في شرح الفساد الحاصل على مستوى إعداد المخططات، و إعداد الرخص، و التعرض بشيئ من التفصيل للطبقة المستفيدة من هذا الفساد... آملين أن تساهم هذه الدراسة في القضاء على الفساد و المفسدين في هذا القطاع.
( معا...ضد الفساد ) تضامنا مع فخامة رئيس الجمهورية.
د محمد الأمين شريف أحمد