ليس من عادتي أن أكتب في هذا الفضاء عن الأمور الشخصية عدى ما له منها انعكاس أو إسقاط على الشأن العام.
لذا قررت أن أشارككم هذه التجربة (المرة) التي عشتها اليوم في مصحة ابن سينا الخصوصية.
وهنا أذكر اسم المصحة لأن الموضوع يتطلب تنبيها على بعض الإختلالات التي يجب أن يعرفها القائمون عليها لتصحيحها.
وليدركوا أن الموضوع ليس مزحة فهو يتعلق بحياة الناس.
لقد نقلت ابنتي على جناح السرعة لتلك المصحة وهي تعاني آلاما حادة فاستقبلتنا الطبيبة المداومة وعاينتها وطلبت إجراء تحاليل مخبرية مستعجلة.
اتجهت إلى مكان الدفع فكانت الملاحظة الأولى ارتفاع المبلغ المطلوب وحين سألت عن السبب قال لي الموظف إن الأسعار ترتفع في عطلة نهاية الأسبوع.
رغم سخافة ما سمعت فقد تذكرت أني سبق أن زرت صباح اليوم "منتجعا سياحيا" مكونا من "الخيم ولمبارات" المفروشة بالحصائر البلاستيكية المتهالكة وسمعت منهم نفس الكلام أي أن الأسعار تتضاعف في عطلة نهاية الأسبوع.
لم أعر كبير اهتمام للموضوع رغم إدراكي أن عمل المصحات خدمة اجتماعية تحكمها قواعد وضوابط أخلاقية ومهنية وليس خدمة تجارية حتى ولو كان مدفوع الثمن ويسعى للربح كعمل استثماري أو هكذا ينبغي أن يكون.
دفعت المبلغ المطلوب لكنني تفاجأت بصاحب الصندوق يرميني بمجموعة من الأوراق المبعثرة لا يمكن تمييز بعضها عن الآخر سألته إذا لم يكن بالإمكان ترتيب الأوراق وكبسها بكماشة حتى أكون على بينة من أمري فأجابني بأن لديه كماشة لكنها لا تشتغل حاججته بأن مصحة تضاعف أسعار خدماتها في الوكند ينبغي على الأقل أن توفر للزوار أدنى حد من الخدمات التي تليق بها وبهم فقال لي "ألا قولهالهم".
رغم ما حملته الإجابة من تهكم وازدراء واصلت السير نحو المختبر فحالة البنت لا تتحمل الإطالة في الجدل مع موظف لم تدربه مؤسسته كما يبدو على أدنى حد من الأخلاق المهنية ناهيك عن المسؤوليات التسويقية اتجاه مؤسسته ولم توفر له حتى كماشة لكبس أوراق الزبائن ببضع أوقيات.
دخلنا المختبر وكنت أتوقع أن يستقبلنا موظف يقوم بسحب الدم لإجراء التحاليل التي كتبت الطبيبة على طلبها مستعجل.
بعد فترة من الإنتظار رأيت أحدهم يتحرك في غرفة أخرى فسألته:
- هل أنت من عمال المختبر؟
- ماذا تريد؟
- أريد من يقوم بسحب الدم من البنت لإجراء تحاليل مستعجلة
- أنا أعمل هنا لكن هذا لا يعنيني إذهب وابحث عن الممرضة المداومة واطلب منها أن تأتي معك لسحب الدم
- أنت تطلب مني أن أبحث لك عن موظفة تعمل معك في المختبر؟ هل هذا ما فهمت؟
- نعم ستكون موجودة في مكان ما.. إبحث عنها
- ألا يشفع لي كوني دفعت ثمنا أعلى للتحاليل بسبب الوكند؟ علي أيضا أن أطارد موظفيكم؟
- شي يعنيك قولهال الادارة
- هل أنت مسؤول هنا بالمختبر؟
- نعم ولكن هذا لا يعنيني وما دمت قد دفعت سعرا أعلى كان ينبغي للمرضة أن تقوم بسحب الدم هناك في الحالات المستعجلة وتأتي به هنا لأقوم أنا بالتحليل فقط
- وهل تعتقد أنني أنا كزائر للمصحة معني بهذه التفاصيل الداخلية جدا؟ أليس من شأنكم كإدارة تنظيم هذا دون أن أعلم أنا وغيري من الزوار ودون أن نطلع على هذه التفاصيل؟
- "ألا قولهالهم".
- طيب الوقت يمر.. في النهاية هل ستقوم بسحب الدم وإجراء التحاليل؟
- سأفعل ذلك تكرما مني
- شكرا.. أنا لم أطلب منك تكرما أنا دفعت مقابل هذا وهو واجبكم
- يبوي يعملك
- هل أنت فخور بمهنتك؟
- هذا السؤال ماه مطروح...
هلا اعتذرت لي عن كلمة "يعملك"؟
- أنا ما نعتذر يعتذر الا التبتابه
- إذن سأطلب منك أن تلغي هذا الفحص سأذهب لمكان آخر
- حت أراعيني الغيتولك اتفضل
…………
لقد أوردت هذا الحوار الممل والمقرف لتدركوا مدى التردي الذي وصلت إليه الأمور عندنا.
وهنا لدي بعض الأسئلة التي تبحث عن أجوبة:
السؤال الأول والبديهي هل تسمح قوانين وزارة الصحة للمصحات الخصوصية بزيادة التعريفة على المرضى في نهاية الأسبوع؟
السؤال الثاني لماذا تستهتر المصات الخصوصية بالمرضى بهذا الشكل رغم المبالغ الباهظة التي يدفعونها؟
والسؤال الثالث على أي أسس تكتتب المصحات موظفيها وما هي التدريبات التي توفر لهم في مجالات أخلاقيات المهنة والعلاقات العامة والماركتنغ؟ ولماذا يقول لي كلا الموظفين "الا قولهالهم" يعنيان الإدارة؟ ألأنه لا يوجد تواصل بين الإدارة في هذه المصحة وموظفيها؟ أم أنه نوع من التعبير عن التحدي واللا مبالاة بما ستكون عليه ردة فعل الإدارة؟
أتمنى لكم جميعا دوام الصحة والعافية.