بالنسبة للعلاقات الشخصية بيني وبين بومدين، والتي ترتبط بها العلاقات بين بلدينا، فقد بقيت تماماً علاقات صداقة وثقة حتى عام 1975. وكان كل منا يرتاح تماماً للآخر ويركن إليه. وكنا نتحدث في جميع القضايا الوطنية والدولية ونتفق دائماً على ما هو جوهري. وتبين الطرفة التالية مدى الثقة المتبادلة بيننا. فأثناء عطلتي الأولى في الجزائر في صائفة عام 1970، جاءني يوماً عبد العزيز بوتفليقة وزير الشؤون الخارجية الجزائري يومئذ، وقال لي ما نصه: "السيد الرئيس إنكم بالنسبة للسيد بومدين الصديق الوحيد الذي يناقش معه كل المواضيع، لأن ثقته بكم كبيرة. ولذلك فإنه يأخذ في الحسبان آراءَكم ونصائحكم. وعليه أسمحُ لنفسي بأن أطلب منكم أن تنصحوه بمزيد من العناية بالسياسة الخارجية، والأفريقية منها على وجه الخصوص، وأن تنصحوه بالسفر إلى الخارج للتعرف على تجارب أخرى تختلف عن تجربتنا التي كرس نفسه لها كلياً منذ أن أصبح قائداً للبلد. ولا تنسوا أن الرئيس ليس على علم بهذا المسعى. ولكن معرفتي بروابط الثقة والصداقة الشخصية القوية التي تربط بينكما، تجعلنى لا أخونه حين أقوم بهذا المسعى". وقمتُ بالمسعى كما لو كان بمبادرة مني، ووعدني السيد بومدين بأخذها في الاعتبار، وشكرني على اتخاذها. وبرهنت الأحداث فيما بعد على أنه أخذها بعين الاعتبار.
المختار ولد داداه/ «موريتانيا على درب التحديات»