تدوينة اليوم: افغانستان.. محمد السالك ولد ابراهيم

تنبيه: استحدثت صحيفة أقلام نافذة يومية على مواقع التواصل الاجتماعي الموريتانية بعنوان "تدوينة الْيَوْم" تتناول بالنشر احدى التدوينات التي تتناول بالتحليل أو الرأي البناء قضايا وطنية أو اقليمية أو دولية.

فى أولى حلقات هذه النافذة "تدوينة اليوم" اخترنا لكم تدوينة للأكاديمي والباحث الدكتور محمد السالك ولد ابراهيم تتناول تاريخ الصراع الدموي في أفغانستان التي تشهد في هذه الفترة عودة قوية للمرب الأهلية.

 

التدوينة:

أفغانستان بلد غريب.. والأفغان هم شعب خاص.. تاريخ تلك البلاد وأهلها هو مسلسل لا ينتهي من الغزوات الدامية منذ ما قبل الميلاد إلى يومنا هذا.. لكن الثابت هو أن الأفغان انتصروا على معظم الغزاة.. لكن المفارقة هي أنه مع كل انتصار على المحتل الأجنبي، يدخل الأفغان أنفسهم في دوامة من العنف و الحروب  الداخلية الطاحنة..

في العصر الحديث- وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية- لم تتوقف أفغانستان عن التسبب بصداع جيوسياسي للقوى العظمى، بدء من موسكو/الإتحاد السوفياتي (1979-1989)، ثم لواشنطن خلال العشرين سنة الأخيرة (2001-2021)، واليوم  أو غدا ربما لبيجين، وموسكو.. 
لم يؤثر بلد على روزنامة السياسة الدولية وعلى استقرار العالم  مثلما فعلت أفغانستان.. 
  عجّل سحب رئيس الاتحاد السوفيتي ميخائيل غورباتشوف، لقواته من أفغانستان "بعد ثمان سنوات من الاحتلال الذي أودى بحياة مئات الآلاف من الأفغان و 15 ألف جندي سوفيتي"،   بانهيار العملاق السوفيتي بعد ثلاث سنوات على انسحاب آخر تلك القوات" بين سنتي 1988 و 1989.

أما الولايات المتحدة التي غزت أفغانستان سنة2001 بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد وإيوائها أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة خلال هجمات 11 سبتمبر، فهاهي تخرج بآخر قواتها من المستنقع الأفغاني، بينما يحاول الرئيس الأميريكي جو بايدن، هذه الأيام، إضفاء لمسة إيجابية على ذلك الإنسحاب الأمريكي. لكن لا أحد يمكن أن يتنبأ بما يخبئه المستقبل لهذا البلد خاصة مع سيطرة مقاتلي طالبان على أجزاء كبيرة من البلاد بالتزامن مع خروج القوات الأمريكية منها.

أفغانسان هي مختبر بسقف مفتوح للعنف والحرب في العالم.. حسمت الحرب الباردة لصالح المعسكر الغربي، لكنها فرخت وحوش التطرف والإرهاب اللذين سيطرا على العالم منذ التسعينيات إلى اليوم..

من غرائب أفغانسان أنها خاضت أكثر من 5 حروب بعد الإنسحاب السوفياتي سنة 1989. و أكملت -خلال أربعين عاما- عدة دورات من الفشل الدولتي المصنف: الغزو، الحرب الأهلية، المآسي الإنسانية، النزوح، التدخل الإنساني الدولي، الحوار والتفاهم السياسي، التأزم، الإنفجار.. وهكذا دواليك..

هذا ما يحاول المحلل السياسي البريطاني شارل بريمنر في صحيفة "التايمز" التطرق إليه حول مصير أفغانستان وسط التطورات الأخيرة. وقد كتبه تحت عنوان " هل تاريخ أفغانستان الدامي، محكوم بأن يعيد نفسه؟"

يقول صاحب المقال بإن الأميريكيين قد يشعرون بارتياح لإخراج أنفسهم من حرب لا نهاية لها في أرض بعيدة، لكن أفغانستان لن تغيب عن اهتمام قوى أجنبية أخرى، مشيراً إلى روسيا والصين.

 

الدكتور محمد السالك ولد ابراهيم

ثلاثاء, 10/08/2021 - 23:23