اتصفت علاقة عزيز مع غزواني بقدر غير قليل من الاضطراب والشك والتردد على مدى العامين الأخيرين، وإن لم يسمح الترابط الذي ضفرته الأقدار بين مصيري الرجلين بظهوره وإخراجه إلى العلن، لكنه كان محسوساً لدى المقربين منهما، وربما لاحظه بعض المتابعين والتقطوا خيوطه وجزئياته المتناثرة في مواقف وسياقات مختلفة.
وكانت محاولة عزيز ابتزاز فرنسا في موضوع قوة الساحل كي تقر باريس مساعيه لتغيير الدستور، وكذلك إصراره طوال عامين على الدفع بحملته المطالبِة بمأمورية ثالثة، مؤشرين واضحين على رغبته في التملص نهائياً من سيناريو توريث السلطة لرفيقه غزواني. كما كان تصريحه الشهير «مرشح راصو» مؤشراً آخر كاشفاً لمكنون اللاشعور في لحظة من لحظات استرخاء الرقابة الذاتية، وإن اضطر للتراجع عنه بعد يومين. ثم جاءت التسريبات الصوتية خلال الحملة الانتخابية، لتشكل ضربة من تحت الحزام لحليفه ومرشحه ورفيقه في انقلابيه. وبطبيعة الحال لا يمكن للعلاقة بين ضابطين شاركا معاً في انقلابين ضد رئيسين وضع كل منهما ثقته في العقيد محمد ولد عبدالعزيز والعقيد محمد والغزواني، أن تتصف بالصفاء والثقة الكاملة أو أن تخلو من الشكوك المتبادلة وسوء الظن في الاتجاهين، لاسيما في سياقنا الموريتاني الذي طالما غدر فيه الضباط الرفاق بعضهم ببعض. إنها علاقة تحالف ومصلحة، يعتريها ما يعتري كل العلاقات الدنيوية، والمصالح بطبيعتها تتغير والتحالفات كذلك تتبدل، وحتى علاقات الحب الرومانسي يعتريها الملل والفتور والوهن وتصيبها الشيخوخة!