تشرفت بمقابلة الإمام المجدد الشيخ عبدالله ولد بيه عشرات المرات فى الداخل والخارج ؛ فى بيوته العامرة باغليك أهل بيه ونواكشوط وجده ، وفى مؤتمراته الفكرية الدولية الملتئمة فى أبو ظبي ومراكش وانواكشوط ، وسعدت بمحاورته فى العديد من الندوات العلمية الإذاعية والتلفزونية الحصرية.
وفى كل تلك اللقاءات والندوات والمؤتمرات ، كانت مجالس الشيخ تنضح رحيق علم ، وتفيض أريج فهم وتفوح عبق حكم.
لقد عرفت هذا الشيخ الرباني عالما معلما ، ناصحا صادحا بقيم العلم والحلم والسلم ، مجسدا ومجددا لروح السفارة العلمية الشنقيطية فى مشارق الأرض ومغاربها ؛ بغزارة عطائه وعمق حضوره ، وإسهامه فى التأسيس لكينونة حضارية إنسانية معاصرة ؛ قائمة على مبادئ السلم والعدل والتعايش والتسامح.
إن المشروع الفكري الحضاري للشيخ عبد الله ولد بيه ، قد خرج من السياقات المحلية إلى الفضاءات العالمية ، ولم يعد فقهاؤنا التقليديون قادرين على فهمه واستيعابه ، حيث أحاط بما لم يحيطوا به ، وجمع من الخصال والخلال مالم يجتمع لعلماء دهره ، فامتزجت الأصالة بالمعاصرة والتراث بالحداثة ، واقترن الفقه بالفكر ، واجتمع التأصيل بالتحليل والرؤية المقاصدية الثاقبة.
الشيخ عبد الله قامة علمية سامقة ومنارة فكرية شامخة.. يزاوج بين المرجعية التراثية النصية الأصيلة.. والرؤية العقلانية الحداثية المستنيرة.
معين ثر وبحر غمر ..يغترف منه رواد العلم وطلاب الحق فى زمانه لفهم أسئلة العصر ومشكلاته ومستجداته ؛ فهو عارف بالماضي..فاعل فى الحاضر ..مستشرف للمستقبل ، وهو داعية أمن ووئام ، وباحث عن العافية والسلام.
قبل سنتين كنت فى مؤتمر علمي ؛ ملتئم بالقاهرة حول : إذاعات القرآن الكريم فى العالم الإسلامي ودورها فى محاربة التطرف ، وكان أغلب المؤتمرين الذين تحدثت إليهم يقولون لى : " لا خوف عليكم أنتم بلاد الشيخ عبد الله بن بيه"..وقد غمرتنى مشاعر الزهو والخيلاء ، لما لمسته فى كل المحطات من إكبار وتقدير للمكانة العلمية للشيخ وفكره وقوة تأثيره وحضوره العالمي.
إنه علم كبير من أعلام الأمة الإسلامية ، ورافد ثر من روافدها المعرفية ، وإمام معاصر لمسيرتها التجديدية ، ونحن فى حاجة ماسة وضرورة حاقة إلى قبس من نور علمه الغزير ، وضياء فكره المستنير ؛ لنذكر الغافل وندفع الصائل ، ونصون القيم ونحفظ الأمم.
أطال الله عمره ..وأدام اللقاء بيننا وبينه ؛ أعواما قابلة وعقودا قادمة ، ومن على بلادنا وسائر الأمة الإسلامية بالأمن والإخاء والسلام والرخاء.
د.محمد ولد عابدين
أستاذ جامعي وكاتب صحفي