مخطوطة ابن رشد المفقودة وفقه وعلوم...مكتبات موريتانيا الخاصة تحفظ نفائس الكتب العربية

عاش الشيخ عبد الله ولد سيد أوبك حياته بين المخطوطات والكتب، باحثا عنها وحاضنا لما ورث منها، وكذلك ناسخا لها بخطّه، وهو فقيه وعالم وهذا حال والده وجده من قبلهما، فالاهتمام بجمع المخطوطات والكتب والعلم والمعرفة كان دأب أسرتهم منذ قرون، إلى درجة أن أحد أجداده كان يلقب بـ"محمد الكتب"، وذلك لفرط انهماكه في عالم الكتب والمعرفة.

اليوم، رغم تقدمه في السن والمرض يحاول الشيخ عبد الله (77 عاما)، الحفاظ على الإرث العائلي، ومواصلة رحلته في عالم المخطوطات والكتب والمعرفة، ويشرف بنفسه على مكتبته الخاصة الواقعة في قرية أشابور بولاية لبراكنة الموريتانية.

وقال في حديثه لرصيف22: "تضم المكتبة الكثير من المخطوطات وفِي تصانيف متنوعة، وبعضها متوارث في العائلة وقديم جدا ويكاد يتعرض للتلف بسبب مرور الزمن عليه وضعف الصيانة".

وقدم ولد سيد أوبك لمحة عن بعض محتويات مكتبته قائلا: "يوجد في المكتبة مؤلفات قديمة من الفقه والتفسير والنحو وغيره لأسماء متنوعة من أعلام محلية ومن بقية الأقطار الإسلامية، وهناك أيضا العديد من النّقل (النسخ)، لأعلام موريتانيين، إضافة إلى مخطوطات أخرى تضم الأدب خاصة الشعر وفتاوى حول نوازل فقهية، ورسائل متبادلة بين زعماء القبائل والعلماء ومشايخ التصوف وهي تؤرخ لمراحل مهمة من تاريخ موريتانيا".

رغم وفرة هذه المخطوطات يخلص الشيخ إلى القول بأن: "المكتبة لا تتلقى أي رعاية من طرف الجهات المختصة وإنما نعول فيها على الله أولا، ثم مجهودنا الخاص ثانيا".

حكاية الشيخ عبد الله ولد سيد أوبك مع المخطوطات والكتب، هي حكايات تتكرر في أغلب مدن وقرى موريتانيا، حيث تنتشر المكتبات العائلية المليئة بالمخطوطات النفيسة والكتب التي توارثتها الأجيال، واقتناها مالكوها خلال الأسفار وخاصة رحلات الحج، لتبقى كنزا أسرياّ رغم أن بعضها مهددة اليوم بالتلف والضياع، وبقاؤها منوط بصراع أهلها لأجلها. وقد تضمن فهرس للمخطوطات الموريتانية أعده المعهد الموريتاني للبحث العلمي، 17 ألف مخطوط أغلبها في مكتبات عائلية، وطبعا هناك أضعافها من المخطوطات التي لم يتضمنها ذلك الجرد بحسب ما يؤكده أصحاب المكتبات وبعض الباحثين.

"كنوز" من شنقيط إلى بلاد الحرمين

في عام 1999، أعلن عن اكتشاف مخطوطة نادرة لابن رشد هي "الضروري في صناعة النحو" من طرف الأستاذ الباحث الموريتاني سيدي ولد مناه. حدث كشف وجها جديدا للفيلسوف الأندلسي، بعد أن كان الجميع يعتقد أن كتابه ضاع إلى الأبد.

ويعود الفضل في الاكتشاف المبهر وفي الحفاظ على كتاب ابن رشد، إلى مجهود أهل الشيخ سيدي في مدينة أبي تلميت وهي من أبرز المكتبات الأسرية في موريتانيا والتي تضم الكثير من النفائس ومن أبرزها كتاب ابن رشد الحفيد، وهي النسخة الوحيدة المعروفة له، وقد نشر محققا مرتين وعن نفس المخطوط الذي في المكتبة، فقد حققه ونشره باب ولد هارون ولد الشيخ سيدي، وهو القيّم على المكتبة.

 

لمتابعة القراءة:

رصيف 22

اثنين, 19/04/2021 - 19:54