حتى لا ننخدع بالكومبارس الجدد

يشهد  المسرح السياسي  حاليا  بروز  قوى "كومبارسية " تكاد تضفي  حالة حراك سياسي وهمي بدون أن تضيف أي إضافة  تذكر على طبيعة المشهد السياسي ، نظرا لكون الكومبارس يؤدي دوما دورا هامشيا ومطية يقطع بواسطتها مستنقع ،وتصدق عليه حكاية العقرب الذي عقد مقايضة مع كائن آخر كي يصل به إلى الشاطئ، لكن العقرب غلب تطبعه طبعه، فلدغ صاحبه في منتصف المسافة ، وعادة  تلجأ  قوى  سياسية  لا تريد الإعلان عن نفسها  بشكل مباشر إلى  الكومبارس  السياسي الذي يعرف الدور المنوط به أداؤه، و متى يتوقف عن الكلام لأنه مجرد أداة محددة الصلاحية والوقت ، فالكومبارس السياسي هو شبه  قائد  أو زعيم، أو دعنا نقول  نصف رجل أو نصف  حقوقي  أو  نصف  سياسي ، أو نصف  مجنون أو أكثر  كثيرا  ، يؤتى به من خلال تيار أو حزب أو  تنظيم  أو حركة  لقطع مرحلة، ويرتدي قناع البطل ويحمل صولجانه فهو أمام  خيارين : 

ــ إما أن يبقى واعياً لدوره وقادراً على حفظ تماسكه وتوازنه النفسي.

ــ إما أن يصدق أنه بطل، خصوصاً حين توسوسُ له الجماهير التي سرعان ما تنجذب كبرادة الحديد إلى حجر المغناطيس، وتبدأ مأساة "الكومبارس" من هذا التصديق أو التماهي على الدور الذي يلعبه .

كومبارس السياسة  خطر  محدق  ــ  كما هو جلي اليوم في  شخوص ماثلة ــ لأنه إن صدق أنه بطل لن يتخلى عن هذا الوهم ، بل وقد يرتكب حماقات سريعة تؤدي إلى هلاك البلاد والعباد ، ويتغافل  من يقومون اليوم  بدور  الكومبارس أنهم دخلوا  عالم  السياسية  وعيونهم  على أن يكونوا أبطالا ، ولكنهم  عجزوا عن  تحقيق  هذا الحلم  لأن  الحقائق أثبتت أن كل من لعبوا دور الكومبارس في السياسة لم يتحولوا إلى أبطال أو نصف أبطال ولم يستمروا ككومبارسات، بل خرجوا من المجال العام وانطفأ بريقهم النسبي ، فمن يقوم بهذا الدور عليه أن يفهم أنه  عاجلا أم  آجلا سيصبح عاريا بلا غطاء شعبي ، وسيخسر مناضليه ومحبيه ، ولكم  في  كثير من الكومبارسات السابقين  خير مثال ودليل وعبرة.   

يشترك كومبارس طرفي المشهد السياسي اليوم أنهم في شهوانية  الحصول  على  البطولة التي حلموا بها كثيرًا، اكتشفوا وهم على مشارف ما بعد الخمسين أنها كانت مجرد سراب، لتلاشيهم مع نهاية  العرض الوهمي  الذي أقيم على حساب  الحقيقة ، ولهذا فإن صدمتهم فوق الاحتمال عندما يدركون أنهم تحالفوا مع الفشل إلى الأبد ، لكن كلا المخرجين  سيتسبب لهم  الكومبارسين في الكثير من المتاعب .

يجب على صديقي الأمس أن يتوقفا عن اختراع الكومبارس وعلى القوى السياسية الواعية أن لا تترك الحياة السياسية في يد الكومبارس  يفسدونها ويحدثون بها جفافا ، فلا بد  من وجود أفكار ورؤى سياسية  واضحة  تتنافس على ساحة  العمل  السياسي  ، بدون ذلك  نحن  نطبع المشهد السيسي  بضبابية  ونتركه ألعوبة في الكومبارس 

رحم الله كومبارسا يعرف قدر دوره.

 

اثنين, 12/04/2021 - 21:13