إبتداء استسمح القارئ في جزئية شخصية قد تكون ذات صلة بالموضوع فحين كنت تلميذا في المرحلة الابتدائية كان التلاميذ يسمون وكما يفعلون عادة أحد مسؤولي المدرسة بلقب يكتبونه باستمرار على الجدران أزعجه ذلك على مايبدو كثيرا فاستدعاني ذات مساء في مكتب وسلمني دفترا وقلما طالبا إلي تدوين أسماء التلاميذ الذين يكتبون لقبه هذا، اعتذرت ورددت الدفتر والقلم فماكان منه إلا ان نهرني و اصفا إياي بسوء الخلق وظل يؤخرني في مادته رغم تفوقي فيها مما سبب لي ألما ظللت دائما أتذكره ، قبل سنوات أرسلت مع صديق ليبلغ ذاك المدرس مسامحتي إياه على ظلم طفل صغير أراد ان يجعل منه مخبرا صغيرا،،، والواقع أني أشكره فإلى جانب تحذيرات والدي لي من مخاطر ظلم العباد كان هو من أوائل من قدموا لي درسا عمليا عن مرارة الظلم، وحين أكملت الدراسة كنت وبعض زملائي ضيوفا لسيارات الشرطة ومخافر ها طلبا لتأمين الشغل للدكاترة العاطلين حينها بعيدا عن أي حواضن اجتماعية وأشهد لشرطتنا الوطنية بأنها أبدا وخلال العقد الماضي لم تكن بالعنصرية في تصديها لمن يحاول أن يثبت في الميدان من قيادات المنسقية والمنتدى بالهراوات ومسيلات الدموع كائنا من كان فيما كانت تراه هي تهديدا للأمن ونراه شططا في التضييق على الحريات، بالتالي فلا كيمياء تربط أصلا بيني و جهاز الأمن بل أعتقد أن من واجب إدارة الأمن وبما يسمح به الحال أن تنظف المشهد من السياسي المخبر والوجيه المخبر والاعلامي المخبر، والحقوقي المخبر والنقابي المخبر و....و...حتى يتفرغ كل لمهامه فالاستعانة بمثل هؤلاء أشد خطرا وفسادا على المجتمع من أي خطر آخر ، على ان تمهن الشرطة عناصرها وتطور أجهزتها وتكتتب حاجتها من الافراد المعلومين وسما ورسما أو المجهولين وسما المعلومين رسما. ..،
مع ذلك فالأمن يظل مسؤلية الجميع مسؤلية الأسرة والمدرس و الداعية و الدولة ؛ تنشئة صالحة ، علما نافعا ، ترببة وسموا بالمجتمع، وتأمينا لما يضمن الحياة الكريمة بما يحد في النهاية من روافد الانحراف والاجرام ،لتبقى قلة كتب الله عليها ان تكون عبرة لمن يعتبر،. لابد من التأكيد كذلك على أن الدول لاتستقيم إلا على العدل فكل متظلم أو مظلوم مفترض لابد أن يمكن من حقه أو يتيقن بطلان دعواه وكل من يقف معه بصدق هو محل تقدير . . لكن ذلك لا ينفي ضرورة التصدي لبعض الطروحات الخطيرة ولبعض من أدمن توظيفها كائنا ماكان الضرر الواقع على غيره جراء ذلك فمن لايرى حل ظلامةإلا بربطها بمجموعة معينة من بني وطنه إنما يستحث أراد أم لم يرد إذكاء التطرف والتطرف المضاد ليحجز لنفسه موقعا بين المتطرفين، إنه من يستحضر في كل أمر صرح أم لم يصرح شيطانا اسمه (آربو بربير )مصاص دماء يتوطن هذه الارض هو أصل كل الشرور في كذب على الله وتزوير للتاريخ فهذا (الآرابو بربير ) وبمصطلحات هؤلاء مع ما تعنيه الكلمة من خلفية خبيثة قد لا يدرك الكل مغزاها كان يفترض إنصافا وعند النظر إلى خريطة البلاد أن يكون (سوننكو بربير) في مكان ،(سوننكو بربيرو ارابو ) في مكان ثان ، (سونغايو بربيرو ارابو )في مكان ثالث، (فوتاتورو بيربيرو ارابو ) في مكان رابع ،(بربيرو سوننكو ارابو) في مكان خامس الى غير ذلك من الحفر العبثي في الماضي ، حفر يفترض أن يقود إما إلى صيرورة و ذاك رأينأ أو إلى موازين تلزم من يعتقدها قبول نتائجها والعيش في ماقبل الدولة إن كان يحن الى ذالك.المشكلة اذن ليست المسابقة فقد يكون فيها متظلمون أو لا يكونون ،إنها أبعد من ذلك لأنهافي النهاية ستظل عنزا ولو طارت. فالأمر أمر آخر يتعلق بالمسالة الثقافية بالموريتاني من يكون بالوحدة الوطنية وهي أمور يتعين الآن أن تطرح بشفافية وحزم على الطاولة ، فإما أن نؤسس ركائز حقيقية تقوم عليها دو لة قابلة للإستمرار على غرار كل دول العالم أو أن نظل أسرى للإبتزاز من هنا وهناك. . ربما كان من ألطاف الله الخفية بالناس- وما أكثرها- في زمن وباء كورونا رحم الله شهداءه أن هذ الوباء قلل السفرات والمؤتمرات وضحكات الفنادق والتمويلات ليعود كل لبيته عساه يفكر جديا في نفسه في أهله في المحيطين به في الأجيال القادمة بعيدا عن إملاءات بعض من المفسدين في الأرض.
هنا فإن التلاقي حول مقاربات حقيقية تنهي زمن التيه الحضاري بات أمرا ملحا ،فبعيدا عن مجاملات البعض والأوطان لا تبنيها المجاملات وميوعة مواقف البعض الآخر والميوعة لا تنصر حقا أو تطرح باطلا فلا بد أن تحصل القطيعة مع زمن الأوهام ، أوهام منها:
* الإعتقاد بإمكانية استمرار هذه الثنائية الثقافية بين ثقافة أجنية منبة وأخرى أصيلة لنخرج باستمرار فريقين يكادان يكونان متناحرين لما يحملان من قيم متباينة ، يستميت أحدهما في ضمان الإمساك بعصب الدولة ويعيش الثاني منفيا على هامشها. الواقع يخبرنا أنه ومهما تعددت أعراق الدول فلا بد لها من جذر ثقافي مشترك جامع ، في اسبانيا ليس الكل كاستيانا لكن الكل يتكلم لغة هؤلاء لوصح تملك اللغة ،في فرنسا ليس الكل غاليين في الولايات المتحدة يوجد الإسبان والآسيان والملونون والهنود الحمر والافارقة و حدها لغة الانكلوساكسون هي من تسود ،في داكار في باماكو يعرف الكل طبيعة اللهجات السائدة وتيك من بديهيات العيش المشترك الحقيقي. ان تطلب الى مجتمع ان يتوحد ويبرز تنوعه باستلابه ثقافيا عبر لغة اجنبية تكون قد ظلمته وحكمت عليه بالضياع يكفي أن ترى حجم التجهيل الذي يمارس اليوم ضد أطفالنا في المدارس والجهد والوقت الضائع في إفهامهم مالا يفهمون من مدرسين هم أحيانا مرشحو هجرة سرية . باختصار شديد المشكلة هي غياب الجذر الثقافي الجامع و بإختصار أشد اللغة العربية إما أنها لغتنا كلنا وذاك حق أوأنها لغة بعضنا أعراقا وفئات مختلفة فهي وفي كل الأحوال تبقى الأحق لتكون ناظما رئيسا لنا وحتى ولو كانت لغة بعض بعضنا وذاك غير صحيح .
*الجملة الممجوجة التي يحفظها الكل والتي تقول:( لغاتنا الوطنية العربية والبولاربة والسوننكية والولفية) كذب ونفاق لأنها ببساطة مساواة مالايستوي، فمن يسوي ببن لغة حفظها الله بكتابه ويستخدمها كل بيت موريتاني على الأقل خمس مرات في اليوم تسبق الفرنسية في الترتيب ،طبخ الباكستاني بحرفها الكعكة الصفراء في سبعينات القرن ال20 وذا الايراني الآن على خطاه من يسويها بلغات هي وطنية بالتاكيد لكنها غير عالمة بل لا تزال أقرب للهجات كالحسانية مثلا. ! لا يفعل ذلك إلاظالم لنفسه محتال مهين لغيره ، فهي مساواة لا تعدو كونها شركا أريد به الجمع بين مطلوب ومستحيل ليستحيلا ، فيعود الناس الى لغة أسيادهم الاولين.
فمن يريد لموريتانيا أن تكون دولة لا بد أن يصالحها مع لغتها التي تخلق لها مزايا تفضيلية في محيطيها.
هل يعني ذلك إضرارا بآخرين ؟ بالتأكيد لا .صحيح أنه وفي مراحل التحول يوجد عادة ضحايا ، ومن ذا بكي ضحايا إصلاح ١٩٧٩ الذين تمزقت شهاداتهم على أبواب إدارت يسيرها في الأغلب رديؤ تكوين إلامن بعض إلمام بلغة أجنبية ،جيل تاه أغلبه بطالة وتهميشا رغم قدرات ظاهرة يشهد عليها مثالا لا حصرا قامات كبيرة في مختلف المجالات كإنتاج الأفكار في مجال التغيير الاجتماعي الخلاق ( محمد الامين الفاضل نموذجا) . لتفادي تكرار نفس الخطأ يمكن اللجوء إلى إجراءت مرحلية تصالح الناس مع ذواتهم ، فماذا مثلا لو أن إدارة الامن في مسابقاتها القادمة - وعوضا عن توضيح مؤلم على الاقل لكثيرين بانها وحرصا على الشفافية ببن الموريتانيين أجرت الامتحان مناصفة باللغة الرسمية وبلغة اجنبية- ماذا لو أقرت مستقبلا إجراء امتحان كتابي باللغة العربية واشفعته بامتحان شفهي يشمل اللغات الوطنية أليس عندها ستؤمن الحصول على بعض من الناجحين الأكثر قدرة مثلا على السباحة فجرا في( ابجيك ) وضبط المتسسللين أوفهم دوافعهم ،فمن يقوم على الأمن هو اكثر الناس احتياجا للغوص في الخصوصيات والتفاصيل هكذا تصبح الفروق الثقافية عنصر قوة لمن يمتلكها وهكذانستفيد فعلا من تنوعنا وثرائنا باستخدام لغاتنا وليس عبر لغة اجنبية.
* اللغات لاتكون وطنية حقيقة إلاحين يستطيع الكل التفاعل والتعامل بها وهنا فإنه لابد من إيجاد الآلية التي تمكن الجميع من الالمام بهذه اللغات فكيف لا نستأنس مثلا بدول تعلمنا لغاتها عبر ال ف .م في تعلم لغاتنا المحلية علاوة على ضرورة استحداث حصص في مستويات التعليم الإبتدائي والثانوي لتدريسها ولجميع الاطفال الموريتانين.
وذاك أمر يتطللب الوصول إليه إصلاحا تعليميا جديدا يجب أن تمول نفقاته هذه المرة سياديا من ميزانية الدولة الموريتانية حصرا ولاتقبل فيه بعض المعونات الفنية المسمومة .
* إن من يعي ذاته لايمكن ان يحقر غيره ، فمن ذا مثلا يزايد على وطنية من يذرع المهاجر ليعمر غيدي ماغا مآذن وخيرات ،إنه مدعاة فخر واعتزازكل موريتاني من طينة هذه الأرض لابد ان تثمن و تكرم ، لابد كذلك ان يكون للسوننكي و البولار الموريتانيين مايميزهم في موريتانيتهم ويفخرون به على اترابهم في شبه المنطقة،هنا شعبيا يجب ان يدعم هؤلاء في مناشط احياء تراث وقيم هذه المجموعات ورسميا لا بد كذلك ان تقوم الدولة بالإسهام الفاعل عبر دول الإقليم من نيجيريا حتى انواكشوط في عمل يروم النهوض بلغات وثقافات هذه المجموعات تقنيات ووسائل فذاك آولى من السجود الصنمي للفركفونية.
* لا نكره لغة قوم مهما كانوا فذاك جهل فالفرنسية مثلا ينبغي ان تظل لغة الانفتاح الخارجية الأولى لدى الموربتانيين لكن الفرق كبير بين اللغة كوسيلة تواصل وبين اللغة كأداة لتدمير ثقافات الآخرين ومن لا يفهم ذلك ننصحه بعد كرونا بالنزول في مطار نيروبي وأي مطار آخر من مطارات دول غرب افريقيا ثم ليقارن
تلك ملاحظات على زوبعة تذكيرا ببعض من أساسيات
نتمنى ان يفهمها البعض فيؤوب الى رشده قبل فوات الاوان أي قبل أن يرى نماذجه الحضارية المفضلة التي يعد أبناءه في كنفها يراها تتدحرج ساقطة وهي تسير الآن على الجزء الهابط من المنحنى تباطؤا في الابتكار وعدوانا على الفطرة الانسانية وهجوما على معتقدات الأخرين . والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون.