ان عزيز، مستبد الأمة الأعظم، أمضى كل وقته في بناء ثروته الشخصية بدل الاهتمام بالمصلحة العامة؛ ورغم كل وعوده، فإنه كرس حكمه لبناء ثروته الشخصية وتمكن من وضع يديه على الاقتصاد الموريتاني، بدء باستغلال المصادر الطبيعية، مرورا بالمصارف وانتهاء بالصيد ومشاريع البنى التحتية.
يقول الكواكبي إن تراكم الثروات المفرطة مولد للاستبداد، ومضر بأخلاق الأفراد. وأن الاستبداد أصل لكل فساد، فيجد أن الشورى الدستورية هي دواؤه. (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد). وضع الكواكبي ثلاث قواعد لرفع الاستبداد:
1 - الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية؛
2 - الاستبداد لا يقاوم بالشدة إنما يقاوم باللين والتدرج؛
3 - يجب قبل مقاومة الاستبداد، تهيئة ماذا يستبدل به الاستبداد.
فهل كان الرجل يتحدث عن العالم العربي في نهايات القرن التاسع عشر؟ أم عنا في ظل حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؟
الرئيس غزواني يطبع بصمته بالبطء الذي يلائم "شيم الزوايا". أعرف مدى صعوبة تلبية جميع طموحات الناخبين، لذا سوف لن أنتقده. ما أسهل الهدم وما أصعب البناء... أسلوب غزواني في الحكم يذكرني بمقولة الرئيس ميتران: "يجب إتاحة الوقت للوقت". خلال السنوات الأولى من حكمه، كان ميتران يردد هذه المقولة. إنه مَثل قديم يحث على الصبر والتأني. إتاحة الوقت للوقت تعني التخلق بفضيلة الصبر وإعطاء الوقت للرجال. السلطة تنضج مثل الفواكه والرجال. إذا كان ميتران قد أشاع المثل، فإن غزواني يتمثله.
اللهم انصر غزواني، وآمنّا في أوطاننا، واكشف عنّا بلاء إرث عزيز، أنت حسبنا ونعم الوكيل.