لا للتسخين غير المحسوب

منذو بزوع مشروع الدولة الوطنية صهر و أخرج فرن الاحتكاك بالشأن العام الوطني مجموعات متنوعة،سواءً فى زاوية الممارسة السياسية أو السلطوية المباشرة أو فى ميدان الإعلام،و أرى أن هذه التجربة صنعت عقولا فى جزء منها احتناك السياسة و الوقوف على الكثير من الحقائق و المبادئ السياسية،و قد ظل الكثيرون أوفياء لمنطلقاتهم الفكرية و شعاراتهم التغييرية،و فى ميدان الإعلام فتح الباب مع مطلع التسعينات،و لو جزئيا،لجيل موريتاني إعلامي خبر إلى حد معتبر المسألة الوطنية فى الكثير من جوانبها،و أسهم هذا الجيل فى رفع مستوى الجرأة على قول لا،بدل نعم، التى ظلت غالبة حاضرة فى الإعلام الرسمي فى أغلب منتوجه،ما قبل التعددية و تشريع الإعلام الحر المتنوع.

كما كشف ضمن هذا السياق،و منذو 1978 ،منذو تولى العسكر دفة الشأن العام،مدى أنانية بعضهم و صلفهم و حرصهم أحيانا على الاستفادة المادية الفاحشة، من المال العام المستباح.

أما اليوم فنقف على أعتاب منعطف يستحق التأمل و المراجعة على الأقل،عسى أن نعرف على أية أرض نقف و إلى أين نتجه؟!.

و قد قلت مرارا بأن حاجتنا للاستقرار و تماسك الحوزة الترابية و التمسك بالهوية الحضارية الإسلامية،تستدعى منا دعم النظام الحالي فيما يعمل عليه من الجوانب الإصلاحية،حتى لا يخرج القطار الوطني الجامع عن السكة،و إن أبدينا الرأي الناصح بقوة و صراحة،تتعارض مع توجهات النظام أحيانا.

فينبغى أن نعي خطورة التسخين و التصعيد دون حساب،يتجاهل التفخيخ بغية التفجير.

فالتحريض على الاستقرار مهما كان ناقصا، يضر بجميع ركاب السفينة،بغض النظر عن خلفيتهم السياسية،موالاة أو معارضة،و الأفضل إذن التمسك بعروة النصح و عدم السكوت إطلاقا على الباطل، لكن مع الحكمة و التأنى و التوازن،حتى لا يتفلت الأمر العمومي من سياق السكينة و الإيجابية.

و من وجه آخر قد لا يجد النظام الحالي سهولة فى تمرير ما شاء من تصرفات،دون ردود فعل رافضة غاضبة،ليس لأن المجتمع ثوري ،و إنما على الأقل لأنه يكتنز تيارات و مجموعات خبرت الشأن العام و سئمت التفريط و تضييع المسؤوليات،بل إن هذا التفريط قد يستفز و يحرك الشارع و الرأي أحيانا.

إذن التحامل على سلبيات مسيرى الأمر العمومي دون حذر و حساب، قد يجر لما لا تحمد عقباه،و تصور السلطة أن الشعب قطيع غنم لا يحس المعاناة و ينفعل للتلاعب، تصور خاطئ قاصر الإدراك عن ما تعلمه البعض من الأيام و احتناك السياسة و الشأن العام.

خميس, 04/02/2021 - 19:49