كتبت تدوينة صنعتُ لها مصطلح "التداول الإداري"فلاقت كمًّا معلوما من التعليقات و "التفسيرات المزاجية" دفعني إلى توضيح المصطلح تحريرا للمقصود و رفعًا لكل لبس و سدًا لكل تلبيس أو "تَبْلِيسٍ"،..
فمن المعلوم أنه مما استقرت عليه التجارب الإدارية العالمية أن الموظف العمومي إذا أمضى أكثر من 5سنوات فى مركز إداري معين خف عطاؤه و بَرُدَتْ همته و زالت "طَرْبَتُهُ" و قلت إنتاجيته،..
فإذا كان المنصب و المركز الإداري " حَنِيذًا دسمًا" سولت للموظف العمومي المقيم أكثرَ من خمس سنوات نفسُه و نفسُ محيطه الأقربين و "زواره اللَّيلِيِّين"الخلودَ مما يجعله يعيثُ فى المرفق الإداري اختلاسًا و اكتتابا للأقارب و المعارف،..
أما إذا كان المركز الإداري "هُزَالًا- نافضا-نافظا"أساء الموظف العمومي المقيم أكثر من خمس سنوات الخدمة العمومية تغيبًا و سوء معاملة للمراجعين و "خفة أدب و انضباط"مع رؤساء العمل ذلك أن الإقالة و الإعفاء يكونان أحب إليه من المكث ردحًا من العمر فى هذا النوع من المراكز الوظيفية.
و اتقاء لسلبيات "الإقامة الطويلة بالمناصب الإدارية"فإن معظم النصوص الضابطة للأسلاك المهنية(الدبلوماسيون،السلطات الإدارية؛الأطر السامون بقطاع المالية،مدراء المؤسسات العمومية الكبرى،...) بالعديد من الدول تُبَوِّبُ على وجوب تغيير"المركز الإداري—الإقامة الإدارية" للمنتسب خلال فترة تتراوح من 3-5سنوات.
و من المتواتَرِ أنه ببلادنا قد يمكث الموظف السامي "عشريات"مديدة خصوصا فى المراكز الدسمة و لا يغادرها إلا مُكِبَّا على وجهه كما قد يُنسى بعض الموظفين-عقودًا عديدة- فى مراكز إدارية منعدمة الامتيازات المعنوية و المالية لا لسبب مهني وجيه و إنما لأنهم أهونُ رهطا و أضعف ظهرًا و "أقْصَرُ لسانا"،..
والجدير بالتنويه أنه لكل قاعدة استثناء و من الأكيد أنه يوجد ببلادنا مسيرون كلما ازدادت فترة إقامتهم بمراكز وظيفية أضافوا إلى الخبرة المبرزة التجربة المؤكدة مما انعكس على المراكز الوظيفية التى يديرونها حيوية و تطورًا و خدمة عمومية أكثر جودة و أقل تكلفة و أيسر ولوجًا،...
كما أن التنبيه وارد إلى أن العدل و الإنصاف معًا يوجهان إلى ضرورة تشاور بين أهل الذكر و الاختصاص حول حزمة من المعايير الضابطة للتسمية فى المراكز الوظيفية تنشر على نطاق واسع و يطمئن لها الجميع كَيْ يَرْقَى من رَقِيَّ عن بينة.
و لعل من أكثر المعايير وجاهة معيار "التداول الإداري"القاضى بتدقيق مالي و إداري لكل موظف سام أمضى عددا معلوما من السنوات (خمسة أو ثمانية أو عشرة،..) بمرفق عمومي فإن كان نظيف التسيير مبدع الأفكار حُوِّلَ إلى مرفق آخر ليطوره و يرشد موارده و إن كان غير ذلك نُحِّيَّ جانبًا و حوسب و عوقب تعزيرًا له و لكثيرين يعتبرون "المرافق الإدارية" حُبُسًا لهم و لورثتهم.
المختار ولد داهي، سفير سابق