حظي نظام ولد غزوانى فى بداية تنصيبه و حكمه بإجماع لافت فى المعارضة،فمن باب أولى الموالاة.
و من هذا المنطلق حظي بفترة سماح معتبرة، لدى الشارع الموريتاني،لكن بعد فشله فى توصيل نموذجي لمساعدات "كورونا"،لصالح المحتاجين فى ظل الموجة الأولى،و ما نجم عن ذلك من إقالة ولد الشيخ سيديا و بعض أعضاء حكومته،و تعيين وزير أول مسالم ،لكنه ضعيف فى نظر البعض،ثم جاءت دعوى "الإقلاع" بأزيد من 200 مليار أوقية،و ما يشاع من سوء التسيير فى "تآزر"، و لصالح أوساط مقربة!.
كل هذا دفع الكثيرين لإعادة النظر فى مصداقية نظام ولد غزوانى و مدى قدرته على تحقيق الاستقامة، فى تسيير المال العمومي.
فعلا منذو أسابيع، بدأ الشارع الموريتاني و طبقاته البسيطة،بوجه خاص،يقول "هو نظام واحد لم يتغير جوهريا"،و التغير فى الأشخاص و ليس فى المناهح!.
كما أن غموض ملف التحقيق و تغييب ملامح الجدية فى هذا الاتجاه،و استمرار تعيين بعض المشمولين فى الملف،و فى وظائف حساسة بالذات،و قد عرف ذلك فى الإعلام،بمصطلح "تدوير المفسدين"!.
و مهما تكن أهمية نظام مستند لدعم شعبي واسع، و مدعوم بقوة من طرف المؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية، لتحقيق الاستقرار و الحفاظ على اللحمة الوطنية و الحوزة الترابية،و هو المبرر لدى الكثيرين، لدعم النظام الراهن،إلا أن القمع مستمر و الغبن مستمر،و ملامح استغلال النفوذ مستمرة،و تنمر و كذب بعض المسؤولين الكبار على بعض المواطنين مستمر،فهل النهج واحد حقا؟!.
إن بعض داعمى النظام القائم، يشفقون عليه من عدم القدرة على الصمود،لأن المواطن يعانى،و قد تعود على حرية التعبير بطرقه الخاصة،و فى كل المحافل، بعيدا عن عين الرقيب المباشر.
بدأ فعلا الشارع الموريتاني يشكك فى قدرات و وعود النظام الحالي،فهل ينتبه صاحب الفخامة،قبل فوات الأوان؟!.
إننى لا أريد القول، بإن نظام ولد غزوانى "سقط كليا من أعين الناس"،لأن هذا غير دقيق،لكن مؤشرات استغلال النفوذ من قبل بعض الأوساط المقربة منه،و عدم الشفافية فى بعض التعيينات الحساسة و استمرار تأثير بارونات "الدولة العميقة"،و محاولتهم إبقاء الوضع على حاله القديم،و عدم تبنى الرئيس لخط ثوري استئصالي ضد الفساد،و فى المقابل تبنيه لطريقة تجمع بين المجاملة و التلويح بالاستقامة.
كل هذا سيفرز نظاما هجينا، قد لا يحقق الأمثل،بل قد لا يختلف كثيرا عن سلفه،و ذلك ما بدأت نذره فعلا.
و باختصار ما يعبر عنه الشارع، يشكل الرأي العام،فى جانب مهم منه،و دولتنا تستحق مخابرات جادة،لا تجمع المعلومات فحسب،و إنما تحلل و تستخلص و تستشرف،تمهيدا لوجود مراكز استشراف و توقع،و لعل غياب الاستطلاعات الدورية،حول مختلف المواضيع الحساسة،يفرض على الأقل، سبر أغوار تداعيات شارعنا و آرائه.