يمثل إعلان الحكومة الموريتانية عجزَها عن الاستمرار في سداد الفوائد المترتبة على الديون الخارجية، مؤشراً مقلقاً وغير مطمئن على مصداقية البلاد داخلياً وخارجياً.
وإذا كان العجز المعلن عنه عجزاً حقيقياً بالفعل، فالتصرف الصحيح في هذه الحالة أن يكون الشعب الموريتاني أول مَن يعلم بهذا، وإلا فإنه تتم التضحية بمبدأ ثمين في النظام الديمقراطي، ألا وهو مبدأ الشفافية بين الحكومة والشعب.
أما إن كان إعلان العجز مجرد وسيلة للتسول من الخارج وإحراج الدائنين والضغط عليهم بهذه الطريقة التي سبق أن جربتها دول نامية أخرى دون كبير فائدة، فالواقع أنه يضر أيما ضرر بمصداقيتنا الخارجية، السياسية والمالية، وسيصعِّب على البلاد مستقبلا إحراز أي عمليات في مجال الإقراض والتمويل والاستثمار.. وهي عمليات حيوية لا غنى عنها للاقتصاد الحديث.
والحقيقة أن إعلان العجز عن السداد الآن هو نتيجة حتمية لعقود من السياسات الاقتصادية العشوائية والفاشلة، والإنفاق البذخي غير المدروس، وممارسات الفساد والنهب المنظم، وعمليات التجريف الاقتصادي لصالح الشركات الأجنبية، ومراكمة الديون العامة على كاهل الأجيال اللاحقة.. مع تقديم أرقام ومؤشرات كاذبة حول الوضع الاقتصادي، أرقام ومؤشرات اعتادت بعثات البنك وصندوق النقد الدوليين أخذها على محمل الجد والصدقية وتضمينها في تقارير سنوية لم تصدر مرة واحدة دون أن تثني على السياسات الاقتصادية المتبعة وتعِد بآفاق مبشرة للاقتصاد الموريتاني!