فيما يتعلق بالصحراء التي كانت تحت الإدارة الإسبانية، وبمقتضى "اتفاق مدريد" في14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1975 تم التوقيع عليه في مدريد من قبل الحكومة الاسبانية والمغرب وموريتانيا،ويضع شروط انسحاب إسبانيا من الصحراء، وصادق عليه البرلمان الإسباني في 18 نوفمبر 1975، ضمت المغرب إقليم الساقية الحمراء لأراضيها وعاصمته ‘’ العيون’’ وضمت موريتانيا إقليم وادي الذهب وعاصمته ‘’ الداخلة .‘’ تطبيق هذا الاتفاق لم يمر دون صعوبة، بل على العكس، كان مصدر أزمة لم تقل بعد كلمتها الأخيرة بعد 45 سنة.
لم يتخيل أحد في موريتانيا أننا كنا عشية حرب ستهز البلاد، شنتها جبهة البوليساريو 10 أيام بعد أن كانت ضيف شرف في نواكشوط خلال احتفالات الذكرى الخامسة عشرة لاستقلال موريتانيا. وكتب زعيمها إلى الرئيس السابق الراحل المرحوم مختار ولد داداه أن الصحراويين لايتخيلوا مستقبلا بدون موريتانيا .مما لا شك فيه أن القوات المسلحة الموريتانية لم تكن مستعدة على الإطلاق للحرب على عكس حليفها المغربي الذي سيطر بسرعة على إقليم الساقية الحمراءحيث تعثر الموريتانيون من الخطوة الأولى في عملية السيطرة على إقليم وادي الذهب والتي بدأت بعملية تحرير قرية’’ الكويرة ‘’ من جبهة البوليساريو.
بدأت هذه العملية العسكرية في 10 ديسمبر 1975 بقيادة المرحوم الرائد أحمدو ولد عبد الله يتم تحرير هذه القرية إلا بعد عشرة أيام من القتال أي في 20 ديسمبر 1975 بقيادة المرحوم الرائد محمد ولد عبد القادر قائد سلاح الجو بعد جرح المرحوم الرائد أحمدو ولد عبد الله. هذا ما كتبه العقيد الراحل عبد القادر:
‘’.. تدخلت وطلبت من قائد أركان الجيش أن يسمح لي أن أقوم بالحل الذي طال ما راودني منذ بداية الكارثة فوافق على الفور. توجهت مباشرة إلى الفيلق السابع الذي يبدو أنه قد تنبأ بما يدور في مخيلتي. أمرت رجاله ببدء التحرك نحو الكويرة مع تعليمات صارمة بعدم التوقف قبل الوصول إلى وسط القرية.’’
أظهرت هذه العملية مدى عدم استعداد قواتنا وهذا هو السبب في أن جميع العمليات التالية للسيطرة على إقليم وادي الذهب تمت بمساعدة الحلفاء المغاربة الذين قاموا بتحرير مدينة ‘’الداخلة’’ وتسليمها للموريتانيين بمقتضى "اتفاق مدريد".
تصرف أفراد قواتنا المسلحة ضباطا وضباط صف وجنودا مثل الأبطال لأنهم دافعوا عن بلادهم الشاسعة بوسائل متواضعة ضد ميليشيا مدعومة عسكريًا وماليًا ودبلوماسيًا من قبل بلد مثل الجزائر حوالي 3 سنوات دون فقدان أي موقع تحت سيطرتهم.
يبدو أننا نشهد تطورات في هذا الصراع المستمر منذ 45 عامًا. نتمنى أن تلعب بلادنا الدور المنوط بها التي تمنحه الحقائق التاريخية والجيوسياسية وحتى الثقافية للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية والحيوية.