
بعد العاشر من شهر يوليو من العام 1978, فقدت منطقة اترارزة حكم موريتانيا، في انقلاب عسكري تعرض بعده الرئيس الراحل المختار ولد داداه لحملة تشويه قوية، كما وصف ذلك في مذكراته.
أدت تلك الحملة بحسب مؤرخين إلى ظهور ما سيعرف لاحقاً بالخطاب الجهوي، الذي استخدمه المنقلبون لتشويه منطق بعينها، وتحميلها كل الأخطاء التي ارتكبها ما كان يعرف وقتها في أدبيات الإعلام الرسمي بالحكم البائد.
والحق أن الدولة الموريتانية اتجهت سياسة إقصاء ممنهجة اتجاه اترارزة برزت بوضوح في عدم تساوي نسب النجاح في مسابقة دخول السنة الأولى من المرحلة الإعدادية، حيث فرضت على تلاميذها الوصول لمعدلات مرتفعة من أجل النجاح في تلك المسابقة، بينما سُمح لتلاميذ باقي الولايات بالتجاوز بمعدلات أقل بكثير..
هذه المظلومية التاريخية ستتجذر أكثر في الأحكام اللاحقة، التي منعت أبناء الولاية من الولوج لسلك الضباط السامين. ظاهرة اترارزة فومبيا سنتقل إلى قطاعات حيوية في الدولة، سيبرر من يديرونها إقصاء أبنائها بحجة الظلم والتجاوز الذي ارتكبوه في حق الموريتانيين قرابة عقدين من الزمن.
هذه المسلكيات ولدت شعوراً بضرورة إنشاء حراك يُعيد المنطقة إلى سابق عهدها، خصوصا في ظل انتشار الزبونية والمحسوبية،
ولايزال الضمير الجمعي في هذا الحيز الجغرافي متمسكاً بأحقيته بالحكم في البلد، ويرى أن السبيل الوحيد لإنقاذه من حالة الفوضى هي عودة الحكم لمنشئه الأصلي.
في العام 1991 ، جاء أحمد ولد داداه مدفوعاً بذلك الإرث التاريخي وناضل لسنوات ليكتشف أنه يجري بقوة خلف سراب في أودية المستحيل.
اليوم تتولى الكتيبة الخضراء بقيادة بيرام الداه اعبيد من جهة والعيد محمدن من جهة أخرى تلك المهمة بالحماس ذاته، وبالأحقية التاريخية نفسها، وبدعم مجتمعي يختفي في أحايين كثيرة خلف التأييد المبالغ فيه لمن يحكمون موريتانيا.
في صورة تعكس ازدواجية تبانها القوم منذ ما عُرف بحرب شر ببه 1644م، ومافرضته من إكراهات على المجتمع تتقاطع في مختلف مظاهرها مع ما أحدثه انقلاب العاشر من يوليو.
فهل يحقق ابنا مقاطعا انتيكان وكرمسين ماعجز أحمد عن تحقيقه؟..
أياً كان الجواب فإن المعارضة الجادة قدرلها أن تنشأ من هنا، حيث تعانق رمال ٱمشتيل وٱوكار الخط وشمامة في لوحة تعكس التنوع الحقيقي لموريتانيا..
د.أمم ولد عبد الله