أغلب الظن أنه منتصف تسعينيات القرن الماضي ، ساعتها لم ينحج تلميذ في مسابقة دخول السنة الأولى من الاعدادية ! أصيب الأهالي في تلك القرية النائية بصدمة من نسبة النجاح الصفرية وصبوا وابل غضبهم على المعلم والمدير الوحيد بالمدرسة ، اجتمع الوجهاء واقيمت الموائد وفي الأخير استجابت الوزارة لنقل المدير المعلم واستبداله بآخر ، أكثر شبابا و أكثر راحة في إطلاق الوعود .
استبشر الأهالي الطيبون بالوافد الجديد الذي بدأ مأموريته بقرارين حاسمين ، حسب رأيه ، يجبر القرار الأول كافة التلاميذ الفقراء جدا على اقتناء أدوات ودفاتر جديدة من العاصمة ، أما القرار الثاني فكان حاسما بطرد كل المتغيبين من التلاميذ طردا نهائيا دون النظر إلى أسباب غيابهم .
ثم عاودت نسبة النجاح الصفرية ظهورها !
*******
صراحة لا أذكر بالضبط متى سقطت حكومة معالي الوزير الأول السابق محمد ولد بلال ولا متى تم تعين الحكومة الجديدة برئاسة معالي الوزير الأول المختار ولد اجاي ، ما أذكره لحد الساعة هو حجم التذمر الذي سبق سقوط حكومة ولد بلال وحجم الأمل والاستبشار الذي رافق تعين ولد أجاي .
*******
لا أريد أن أعتبر إجبار التلاميذ الفقراء على اقتناء أدوات جديدة ولا طرد المتغيبين أخطاء كبيرة بل هي إصلاحات إن تمت في وقتها وسياقها محترمة طابور الأولويات . أكيد كان من الأجدر والأهم أن يعمل المعلم الجديد على تحسين مستويات تلاميذه و الإلتزام بمناهج وزراة التهذيب الوطني بالإضافة إلى توعية الأهالي بخطورة الغياب المدرسي .
**********
بعد فترة قصيرة قامت حكومة ول أجاي بحملة أمنية ليدفع سائقو السيارات الضريبة السنوية ولأول مرة امتدت الحملة طيلة أشهر السنة ، ثم قامت الحكومة أيضا بطرد معلمين وممرضين من الوظيفة العمومية .
في الحقيقة يعتبر تنظيم المرور أمرا جيدا وكذلك ردع الموظفين الذين يأخذون رواتبهم من الدولة دون عمل ولكن المشكلة حسب رأيي تتعلق بطابور الأولويات الذي تحدثت عنه آنفا.. حال المواطن الآن أشبه بحال الآباء في تلك القرية الذين كانوا ينتظرون نجاح أطفالهم فإذا هم يدفعون بشكل قاسي من جيوبهم ثمن الأدوات والدفاتر للذين لم يطردوا من أولادهم .
بقلم بابه ولد يعقوب ولد أربيه
مهندس في مجال المياه والصرف الصحي .
وتساب : 38422201