بعد الكابوس المرعب الذي عاشته المنطقة نهاية شهر نوفمبر ومطلع شهر ديسمبر الماضيين وخصوصاً في فلسطين ولبنان وسوريا وبعد ان بدأ المجرم المطلوب للعدالة دولياً نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني في الاحتفال بإنجازاته الميدانية في تلك الساحات وتسويق نفسه محلياً لناخبيه وكذلك إقلمياً ودولياً كبطل قومي حقق انتصارات كبيرة, فجأة قفز اليمن وقلب الطاولة في وجه هذا الارهابي المجرم ونغص عليه شعوره بالنشوة وافسد عليهاحتفالاته, وحولها الى كابوس, واطلق العنان لصواريخه الفرط صوتيةمستهدفاً عصب وقلب الكيان الغاصب ولتصل الى أهدافها ومنها المرافقالعسكرية والاقتصادية والمدنية الاكثر تحصناً في العالم رغم احدث واكثر منظومات الدفاع الجوي التي عرفتها البشرية تطوراً كفاءة بما فيها منظومة ثاد الامريكية (درة الدفاعات الجوية الامريكية) ومنظومة "مقلاع داوود" جوهرة الصناعات العسكرية الصهيونية, فضربت صواريخ اليمن ودمرت وقتلتواصابت وعطلت العديد من نواحي الحياة بما فيها مطار اللد الذي يسموه "بنغوريون" وأجبرت ملايين الصهاينة على الهروب الى الملاجئ تحت الارض (بما فيهم نتنياهو الذي نزل للاستشفاء تحت الارض على اثر الجراحة التي اجريت له صباح الاحد 29 ديسمبر الجاري), مع ما يرافق ذلك من تراجع في القطاعالاقتصادي, ناهيك عن اثرها الامني والاجتماعي والنفسي العميق.
الصواريخ اليمنية فوتت على نتنياهو تسويق نفسه انتخابياً لجمهور حزبه على اثر انجازاته على الجبهات التي سبقت الاشارة اليها بعد ان نجح وقتياً في ذلك وارتفعت شعبيته بعض الشئ وفقاً لاستطلاعات الرأي, ولكن ذلك لم يستمر طويلاً, بل انقلب الى ضده وحرمته صواريخ اليمن من تجيير الانجازات على الجبهة لمصلحته الشخصية وهوت بشعبيته الى اسفل سافلين اثر اجبارهاحوالي 5 ملايين صهيوني الهروب الى الملاجئ تحت الارض وفقاً لمصادر صهيونية وشلها لعدد من قطاعات الحياة في قلب تل ابيب عاصمة الكيان كما سبقت الاشارة.
لقد اعادت صواريخ اليمن شئ من التوازن لمعادلة المواجهة التي تجري في المنطقة بعد رجحت بوضوح لصالح الكيان بعد تدميره لكامل قطاع غزة تقريباً وتوجيهه ضربات مؤلمة لحزب الله واغتياله للعديد من قياداته وتدميره لكل القدرات العسكرية لسوريا واجتياحه لحوالي 500 كيلو متر مربع من اراضيها بخلاف هضبة الجولان التي استولت عليها عام 1967, وكل ذلك ما كان ليحصل مطلقاً لولا الدعم العسكري والسياسي والدبلوماسي والمالي والامني والمعيشي اللامحدود من الولايات المتحدة ومعظم دول اوروبا وكندا واستراليا ونيوزيلاندا وعدد من الدول العربية وبعض اجهزة السلطة الفلسطينيةللاسف...!!!
لقد عاشت شعوب المنطقة وما زالت فترة من اسوأ فترات حياتها, لقد أطلقالنظام العالمي الظالم التي تقوده الولايات المتحدة يد الكيان الصهيوني ليعربدفي المنطقة ويصول ويجول ويرتكب ابشع الجرائم في تاريخ البشرية بدعم لا محدود وبغطاء كامل شامل مما شجعه على ارتكاب جرائم حرب لها أول وليس لها اخر بدون ان يرف له جفن (من امن العقاب اساء الادب).
جاءت الصواريخ اليمنية في هذه الفترة الشديدة الحلكة في حياة الامة, لتبدد شئ من الظلمة التي اكتست بها اجواء المنطقة مؤخراً على الرغم من ردود الفعل العسكرية الصهيونية والامريكية والبريطانية المباشرة, ولكن الحياة موقف, مما كان اثره الملحوظ على معنويات المقاومين في غزة, فقد زادت وتيرة عملياتهم ضد الاحتلال كماً ونوعاً رغم تواضع الامكانيات, قتلوا عشرات الجنود الصهاينة على اثر العمليات الصاروخية اليمنية بما في ذلك الاشتباك مع الصهاينة الغزاة من المسافة صفر بالسلاح الابيض وقتل العديد منهم بالسكاكين والاستيلاء على اسلحتهم وكذلك القيام بعمليات استشهادية اسفرت عن قتل واصابة العديد من الغزاة.
اخر الكلام:
رغم ان ما لحركة الحوثي ما لها وعليها ما عليها والاختلاف معها جذرياً في الكثير من القضايا الجوهرية, الا أن اطلاقها صواريخ فرط صوتية متطورة جداً على الكيان الصهيوني يأتي (كما يقول قادتها) في سياق وقوفها الى جانب أهل قطاع غزة المدنيين العزل الذين تخلى عنهم الجميع حتى الشقيق وتركوهم فريسة لقوة غاشمة مدعومة من أعتى قوة عسكرية عرفتها البشرية, لا مجال للمقارنة وكأننا نقارن بين بعوضة لا يصل وزنها الى جرام واحد فقط وبين حوت أزرق يصل طوله الى حوالي 35 متر ويبلغ وزنه حوالي 200 طن...!!!!.
وهذا موقف يحسب لحركة الحوثي ولا يمكن ان ينساه الشعب الفلسطينيلأهله في اليمن......الحياة موقف.
د. سمير الددا