في غرفة صغيرة بمستشفى الأمراض العقلية والعصبية الوحيد في موريتانيا، يرقد الشاب سيدي، البالغ من العمر 22 عامًا، في الغرفة رقم 13، وسط معاناة نفسية عميقة خلّفتها الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.
وفوق سريره، كتب سيدي بخط يدوي على الجدار عبارة تعبر عن حالته: "التوتر يقـتل الخلايا العصبية".
بدأت مأساة سيدي عندما أقنعه أصدقاؤه بالسعي للهجرة إلى الولايات المتحدة، وهو حلم تطلّب منه طلب قرض بنكي لتحقيقه. لكن رفض المصرف منحه القرض تركه في حالة إحباط شديدة. هذا الشعور دفعه نحو تعاطي المخـدرات، مما فاقم حالته النفسية وأدى إلى إصابته باضطراب الذهان.
يقول والده، محمد الأمين، لوكالة الصحافة الفرنسية إن الأسرة وجدت نفسها في مواجهة نوبات عنف ذهاني متكررة، دون معرفة كيفية التعامل معها. اضطر الوالد إلى نقله إلى مستشفى الطب النفسي الوحيد في نواكشوط، الذي يعاني من نقص حاد في الموارد والإمكانيات، حيث لا يضم سوى 20 غرفة فقط لعلاج المرضى النفسيين في البلد بأسره.
وبسبب محدودية المساحة وقلة عدد الموظفين، لن يتمكن سيدي من البقاء في المستشفى سوى لبضعة أيام، وهي فترة قصيرة جدًا مقارنة بحالته التي تتطلب رعاية طويلة الأمد. هذه القيود تسلط الضوء على معاناة المرضى النفسيين في موريتانيا، حيث تفتقر البلاد إلى بنية تحتية كافية لتقديم خدمات متخصصة ودعم شامل.
قصة سيدي تمثل نموذجًا صارخًا لأزمة الصحة النفسية في موريتانيا، مما يدعو إلى تكثيف الجهود لتحسين الخدمات النفسية في البلاد. يتطلب ذلك إنشاء مراكز إضافية وتوفير موارد بشرية مؤهلة، لضمان حصول المرضى على العلاج المناسب في بيئة آمنة ومستقرة.
في ظل هذه التحديات، تظل قصص مثل قصة سيدي دافعًا للحكومة والمجتمع للعمل على تحسين واقع الصحة النفسية، الذي يمس حياة الآلاف من المواطنين.