وزارة الداخلية وقانون الأحزاب الجديد

إلتأم خلال الأيام القليلة الماضية في مقر وزارة الداخلية بعض ممثلي طالبي تراخيص أحزاب سياسية و وزير الداخلية لتدارس شروط إعتماد الأحزاب لدى وزارة الداخلية  و من خلال ما تم تسريبه عن الإجتماع، يتضح أن وزارة الداخلية بصدد ترشيد العملية السياسية في البلد وفقا لتصورها، وذلك من خلال وضع شروط وصفتها بأنها تكسب أي مشروع سياسي الجدية و المصداقية، و من هذه الشروط، وجود خمسين من المؤسسين على الأقل من خبراء الاقتصاد و القانون و علم الإجتماع و السياسة...، بالإضافة إلى حصول مشروع الحزب على تزكية خمسة آلاف مواطن موزعة على الأقل على ثماني ولايات، تمثل النساء نسبة 20 % منها...إلخ.
في الحقيقة إن شروط وزارة الداخلية، إذا ما تجردنا من التجاذبات السياسية، فإن تبريراتها مقنعة، خاصة أن مستوى الطموح الغير مؤسس بالنسبة لبعض ساستنا تجاوز الواقعية، مما يتطلب ترشيد و تهذيب العمل الحزبي ليتماشى مع مقتضيات العمل الديمقراطي الناجح، لكن و في المقابل فإن أي تقييد للحريات العامة يمثل تشويه مشين للمسار الديمقراطي، و ما تم من مقترحات قيد النقاش الآن، يمكن أن يفسر على أنه تقييد لحرية إنشاء الأحزاب.
 إنطلاقا مما سبق، و في سبيل المواءمة بين ترشيد العمل الحزبي و احترام الحريات العامة، فإنه من المناسب تخفيف الشروط المقترحة من طرف وزارة الداخلية بدرجة كبيرة، و التركيز على شرط واحد وهو وجود جميع مكونات المجتمع الموريتاني داخل أي مشروع حزبي، و باقي الشروط تكون بعدية، أي بمعنى  أنه و في أول إستحقاق انتخابيي، فعلى الأحزاب المرخصة أن تنافس على الأقل على 20% من المجالس البلدية و الجهوية و من المقاعد النيابية في البرلمان، و أن ترشح في خمس ولايات على الأقل، كما أنه لا يسمح لأي مترشح للبرلمان أو رئاسة المجالس الجهوية  أو منصب العمدة، إلا لمن يحمل شهادة جامعية، و يتم فرض الحصول على برلماني واحد أو رئيس جهة واحد أوعمدة واحد أو مائة مستشار ما بين مجالس الجهات و البلديات.
و في حال تجاوز هذه الشروط، و إعتماد الحزب في قائمة المدعومين ماليا من طرف الدولة، يطلب منه فتح مقرات في خمس ولايات على الأقل.
و في حال عدم إستفاء هذه الشروط فإن الحزب يعتبر منحلا و يحظر على قيادته الحضور في قيادة أي مشروع سياسي مدة سبع سنوات على الأقل.
بهذه الإستراتجية نضمن وجود أحزاب سياسية جادة  تتمتع بثقة المواطن و تتواجد بشكل حقيقي على الأقل في ثلث ولايات الوطن، و حضور أصحاب الدراسات الجامعية  و الكفاءات في البرلمان و على رأس المجالس الجهوية و البلدية.

و الله من وراء القصد.

 

د محمد الأمين شريف أحمد

خميس, 19/12/2024 - 15:23