تعد جرائم الاغتصاب من الجرائم المتكررة، التي تستدعي تجاوز الصدمة إلى معالجة عميقة لأسباب الظاهرة و طرق معالجتها،
و قبل ذلك يتعين القول إن جعل متهم معين قاصرا لا يحول دون معاقبته، إلا إذا كان لم يبلغ سن السابعة، طبقا للمادة: 02 من قانون الحماية الجنائية للطفل، فهو يتمتع بقرينة قاطعة على عدم قدرته على خرق القواعد الجزائية، لكن هذه القرينة تصبح بسيطة( قابلة لإثبات العكس) بعد بلوغه سن السابعة حتى 15 سنة، و بالتالي يخضع لإجراءات الحماية بمركز إيواء و احتضان القصر.
و تقتضي هذه المساهمة البسيطة بسط الإطار القانوني لجريمة الاغتصاب ( أولا) و طرق إثباتها ( ثانيا).
أولا: الإطار القانوني لجريمة الاغتصاب
يقتضي تفكيك العنوان بيان نص التجريم (1) و قواعد التعويض (2).
1- نص التجريم
جرمت المادتان 309 و 310 من القانون الجنائي الاغتصاب و عاقبتاه بما عاقبت به الشريعة الإسلامية، فعاقبت البكر بالأعمال الشاقة و الجلد و عاقبت المحصن بالرجم.
لذلك فتطبيق القانون الجنائي هو تطبيق لمقتضيات الشريعة الإسلامية في شكل مواد، لمن لا يريد تسجيل النقاط بالشعارات.
2- قواعد التعويض
تشكل المادتان 97 و 98 من قانون الالتزامات و العقود إطارا قانونيا للتعويض عن كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة و اختيار دون أن يسمح له به القانون، فأحدث ضررا ماديا و معنويا للغير.
و قد أفاض فقهاء المالكية في التعويض عن فض البكارة، فذهب بعضهم أن الضحية " لها الصداق و أرش فض البكارة".
ثانيا: طرق الإثبات
هناك طرق إثبات حددها المشرع الموريتاني ( 1) و طرق إثبات لدى التشريعات المقارنة( 2).
1-طرق إثبات الاغتصاب في التشريع الموريتاتي
نصت المادة: 386 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه:" باستثناء الحالات التي ينص فيها القانون على خلاف ذلك، فإن الجرائم يمكن أن تثبت بجميع الأدلة الشرعية..".
إن قراءة سريعة للنص تبين أن المشرع فسح المجال لجميع الأدلة الشرعية، لكنه استبعد ما سواها من الأدلة!
و على ذلك فحين ينكر المتهم التهمة، فلا سبيل لإثباتها إلا بتقديم شهود أربعة متحدين في الرؤية زمانا و مكانا، و إلا حكمت بالبراءة لأنها أصل.
و هذا ما جعل الجمهور في داوي و المحاكم في وادي آخر، إذ المحاكم تنظر في أوراق الملف و طرق إثبات الجريمة المحصورة في المثبتات الشرعية و الجمهور يتطلع لقطع رأس المتهم- و هم محقون في ذلك- لكن طرق الإثبات لا تعين عليه.
2- طرق الإثبات في التشريعات المقارنة
أصبحت التشريعات العربية الحديثة تستعين بفحص الحمض الننوي و البصمة الوراثية لإثبات الجرائم، و من أجل ذلك وسعت الإطار القانوني فنصت على أن الجرائم تثبت بالأدلة الشرعية و " العلمية" كما هو حال المشرع الجزائري.
و قبل توسيع وعاء إثبات الجرائم، سيظل تعامل محاكم الأصل، لا يرضي الجمهور، فالقاضي يطبق القانون و لا يخلق القواعد القانونية.
و مع ذلك فبعض الأحكام و القرارات القضائية تحتاج تعليلا رصينا، لأن التسبيب و التعليل الجيدين هما عنوان العدالة.
د. معمر محمد سالم
محام لدى المحاكم الموريتانية