السيد دداهي ولد عبد الله، المحترم، لا أريد التشويشَ على خلوتكم التقاعدية الهادئة بأسئلة كثيرة وثقيلة، لكن التصريحات التي تناقلها المدونون مؤخراً ونسبوها إليكم، وأنتم مَن شغلتم منصباً عمومياً حساساً لعقدين مِن الزمن، أثارت لديَّ بعضَ التساؤلات الملحّة: لصالح أي جهاز استخباراتي كان ولد صلاحي يتجسس؟ وإذا كان ذلك الجهاز هو الاستخبارات الموريتانية نفسها التي كنتَم ترأسونها، ألم يكن حرياً بها أن تَستر «عميلَها» وتحميه مِن الإساءة والسجن والاعتقال والتعذيب؟ وإذا كان الجهاز المقصود هو الاستخبارات الأميركية، فلماذا لا تطاله (أي ولد صلاحي) القوانينُ الموريتانية التي تحرّم (أو هكذا يفترض) التخابرَ لصالح الدول الأجنبية؟ وكيف سمحتم لدولة أجنبية بتجنيد أحد مواطنينا أمنياً؟ وهل فات عليكم أن تنبِّهوا ذلك الجهاز الاستخباراتي الأجنبي (الصديق) إلى ضرورة التعامل بلطف ورحمة مع «عميله» بدلا مِن أخذه مصفداً وإبقائه خمسةَ عشر عاماً في جحيم غوانتنامو؟ وهل تكفي محاولةُ إلحاقِ تهمة «التخابر» بولد صلاحي للتطهُّر مِن عارِ أولِ فضيحة مِن نوعها في تاريخنا الوطني، ألا وهي تسليم مواطن موريتاني لدولة أجنبية؟
أعلم أن وثائق ويكليكس لم تكد تترك أحداً من نخبتنا الرسمية خارج دائرة التخابر لصالح الأميركيين، وأن ولد صلاحي كان مهندساً لامعاً يتقاضى في ألمانيا راتباً أعلى مِن راتب مدير الأمن الوطني الموريتاني.. لكن لتسمحوا لي أخيراً، سيد دداهي، كي أسجل هنا أن محاولةً مِن ذلك النوع لتبرير تسليم ولد صلاحي للأميركان، تشير الآن إلى خَيريَّة مؤكدة ومبشِّرة، كما تشي بوجود ضميرٍ حيٍّ يتعين إقناعه بمبررات، ولو كانت واهيةً، كي يهدأ قليلا ويترك لصاحبه فسحةَ الاستمتاع بتقاعد هادئ ومريح بعيداً عن ضوضاء التساؤلات الصريحة غير المريحة!
دامت لكم الصحة والعافية والتقاعد الهادئ