يعتبر وجود مؤسسات أو هيئات رقابية ترصد تسيير الأموال العامة غاية وهدف وجدت مع قيام الدولة الحديثة في عالم اليوم، وخاصة في الدول الديمقراطية التي تهتم بحماية المال العام من أيدي العابثين به. ومع ترسخ مبدأ إقامة هذه الهيئات الرقابية في معظم الدول تولدت الحاجة فيه إعطاء هذه الهيئات استقلاليتها الضرورية
التي تمكنها من ممارستها لعملها دون تأثرها بسطوة وهيمنة السلطات الأخرى في الدولة وخاصة السلطة التنفيذية، فكانت معظم دول تسن قوانين صارمة
تدعم وتعضد استقلال أجهزة الدولة الرقابية حماية لها وضمانا لعدم وقوعها تحت أي تأثير .
وقد ظلت أجهزة الرقالة الوطنية على الأموال العامة في بلادنا تعاني من ضعف استقلاليتها عن السلطة التنفيذية مما كان له كبير الأثر على أعمال مؤسساتنا الرقابية رغم كثرتها وتنوعها (...)
ومن الغني عن القول هنا أن أي محاربة جادة للفساد تتطلب سن قوانين جديدة تعطي للهيئات الرقابية إستقلاليتها القانونية الكاملة عن السلطة التنفيذية، بحيث تصبح تقارير هذه الهيئات تحال بشكل مباشر الي النيابة العامة وإعتبار ذلك كافيا لتحريك الدعوى العمومية ضد من ترد أسماؤهم في تقارير لجان رقابة تسيير الإدارة العمومية للأموال العامة بوصفهم مخالفين لأنظمة التسيير المعتمدة في مؤسسات ؤلائك المخالفين، أما ماهو حاصل الآن فهو يحرم الهيئات الرقابية والدولة الموريتانية عموما من أي جدوى أو فائدة من أعمال هذه مؤسساتنا التي تناط بها رقابة تسيير السلطة طالما ظلت هذه الهيئات تابعة وخاصعة للسلطة التنفيذية التي وجدت هذه الهيئات في الأصل لرقابتها، فأصبحت السلطة التنفيذية هنا هي الخصم والحكم في آن معا، وهو ما تسبب بما يشبه الشلل وانعدام الجدوائية المطلوبة من قيام الهيئات الرقابية الوطنية الكثيرة التي اصبحت تستنزف جهودها في رقابة لا طائل من ورائها حيث تظل تقاريرها حبيسة أدراج السلطة التي لاتريد أن يترتب أي شيء على تلك التقارير التي تعج بالمخالفات القانونية لضوابط تسيير الأموال العامة . لذلك يتوجب السعي لإيجاد حلول قانونية تجسد إستقلالية كاملة عن السلطة التنفيذية بحيث تصبح تقارير الهيئات الرقابية تحال مباشرة الي النيابة العامة لتحريك الدعوى العمومية ضد من ترد أسماؤهم في تقارير لجان رقابة تسيير الإدارة العمومية للأموال العامة، أما ماهو حاصل الآن فهو يحرم الهيئات الرقابية من أي جدوى لأعمالها طالما ظلت هذه الهيئات تابعة وخاصعة للسلطة التنفيذية التي وجدت هذه الهيئات في الأصل لرقابتها فأصبحت السلطة التنفيذية هنا هي الخصم والحكم في آن معا، وهو ما تسبب بما يشبه الشلل وانعدام جدوائية الهيئات الرقابية الوطنية التي باتت تستنزف جهودها في العمليات رقابية لا طائل من ورائها، حيث إن تقاريرها تلك ظلت حبيسة الأدراج رغم إحتوائها على أسماء وعنوانين المخالفين الذين أخذو عشرات بل مئات الملايين من المال غير آبهين لأفعالهم تلك لإطمئنانهم أن يد العدالة مغلولة دونهم، ولن تطالهم لأن مرتكبي هذه الجرائم ضد المال العام يجدون الحماية من نافذين في السلطة مما يحول دون محاسبتهم
وهكذا ضاعت الأموال العامة وباتت في مهب الريح بسبب غياب الإستقلالية المطلوبة لهيئات الرقابية على المال العام
فلماذا لانطلق سراح يد الهيئات الرقابية الوطنية لتحمي أموال الشعب من النهب الممنهج الحاصل اليوم .؟
الحسين ولد النقره
كاتب