طيلة أكثر من ستين سنة أنفقت الأنظمة المتعاقبة المال العام،وفق منهجية وطنية مفتوحة،أثبتت الأيام أنها لم تخل من الزبونية و التركيز على مناطق مخصوصة أحيانا،دون مساواة و توازن،و استطاع كثير من المقاولين المحليين و الخارجيين، اللعب على حساب الدولة و المجتمع،عبر بعض السماسرة، الذين يرجحون بقوة مصالحهم الخاصة، على الوفاء بالأمانة و المسؤولية.
و من المعلوم فى هذا السياق، من الفساد المزمن فى مشاريع الدولة و مصاريفها الاعتيادية الروتينية،أن دور الإداري التسهيل مقابل المنفعة المحرمة، أخلاقيا و قانونيا،و دور المقاول أو التاجر تلقى المشروع،، مقابل "رد الجميل"،عبر رشوة دسمة للرئيس أو الوزير أو الأمين العام أو المدير أو المحاسب الذى سهل له، و مكنه من هذه الفرص المثمرة،بصورة فوضوية طبعا، و غالبا و على حساب الشعب و حاضر الدولة و مستقبلها.
و فى سياق هذا المسار التآمري على مصالح الدولة و المجتمع،أثرى الكثير من الموظفين و السياسيين و الضباط و التجار و المنتخبين، و حتى بعض الإعلاميين ،و لو نسبيا،أيام معاوية و إعل و عزيز،بوجه خاص،و رغم دعاوى مكافحة الفساد و مسار التحقيق الراهن،لم يتمكن ولد غزوانى من كبح جماح بعض هؤلاء عن المال العمومي و محاولات استغلال النفوذ،و لذلك كانت المقدرات المالية المخصصة لمواجهة كورونا،فرصة أساسا لبعض الجنرالات و المسؤولين السامين فى الدولة و بعض التجار للاستفادة الواسعة،بينما كان المواطن الضعيف،مركز العملية و جوهرها نظريا و دعائيا،هو الأقل نصيبا، من تلك الأموال "المكورنة بامتياز".
فكانت أموال كورونا،هي السبب الأساسي لتوديع ولد الشيخ سيديا و بعض وزراءه.
و رغم حرص الرئيس الحالي،و لو ظاهريا،على إبعاد رجال أعمال قبيلته عن الواجهة،إلا أن ما يجرى فى الخفاء، لا يدل بشكل يقيني على تغير الأسلوب فى هذا الصدد،لكن ما يحرك النظام الراهن، من دعاوى التحقيق و المحاسبة ،و مهما تكن نواقص تلك الدعاوى،فمع مرور الوقت،سيثمر إيجابيا،بإذن الله.
و على خطى 20 مليار كورونا و 40 مليار تآزر و 42 مليار أولوياتى ، تأتى 242 مليار أوقية،لمحاولة تحقيق مكاسب تنموية، ما بعد كورونا.
و رغم أن هذه المليارات ذهب ملبغ معتبر منها فى جيوب القيومين عليها و تنقلاتهم و إيجار السيارات و بيروقراطية الإدارة،و رغم حاجتها لتفتيش و تدقيق،ربما يؤكد حاجتنا للمزيد من الشفافية و الاستقامة فى تسيير المال العمومي،و رغم محاولات نظام ولد الشيخ الغزوانى رفع مستوى وتيرة الدعاية و الحملة الانتخابية المسبقة،عبر تكرار ذكر و ترديد هذه الأرقام الفلكية،دون أدلة مفحمة ملموسة، تعضد و تشهد، بتحولها لمكاسب تنموية ظاهرة، بادية للجميع ،إلا أننا نجد أنفسنا مضطرين، موضوعيا،للترحيب بهذه الآفاق التنموية الموعودة،عسى أن نقترب منها، واقعيا و عمليا،يوما ما،بإذن الله،تحت قيادة صاحب الفخامة و بدفع و مراقبة محرجة إيجابية، من طرف كل المعنيين،حتى لا يضيع المال العام مجددا،سدى و هدرا،كما ضاعت أغلب 20 مليار كورونا.
إلا أن توزيع مشاريع هذه المليارات،و فق مخطط تنموي جهوي لامركزي، مع الرقابة الدقيقة لكل مرحلة،قد يمنع من غبن بعض الجهات و المناطق و يؤمن التنفيذ الملموس السليم،بإذن الله.
و تلك رقابة دعا لها، صاحب الفخامة فى خطابه،الأربعاء 2/9/2020،محمد ولد الشيخ الغزوانى،الأحزاب و الجمعيات غير الحكومية و الإعلام،إلا أن هذا الثلاثي المقترح من طرف الرئيس،ينبغى أن يعزز بتمثيل لقطاع الأئمة و العلماء و الجهات الأمنية،ضمن هيئة تعين و تشكل لهذا الغرض الرقابي الملح الاستعجالي.