
قبل بضع سنوات، عاد صديقي الطبيب إلى منزله لاستعادة وثيقة مهمة كان قد نسيها ولم يكن يدرى ان القدر يخبىء له مفاجأة مأساوية فقد انزلق على الأرضية المبلطة لشرفة المتزل الذي سبق أن نقعته العاملة المنزلية اثناء قيامها بالتنظيف اليومي. وانتهى به الأمر بكسر مفتوح في عظم العضد، الأمر الذي تطلب عدة أشهر من العلاج في الخارج. وقبل بضعة أشهر، غادر وزير سابق ثمانيني محترم ومتدين وورع منزله متوجها إلى المسجد القريب من منزله كما هي عادته اليومية لينزلق على الأرضية المبللة من الرصيف المجاور. مما تسبب له بالسقوط الذى أدى إلى كسر في رأس عظم الفخذ استدعى الإخلاء الطبي خارج البلاد، وقبل بضعة أسابيع خرجت مسرعاً من منزلي وانزلقت بعنف على الأرضية المبلطة اللامعة مما أدى إلى كسر في معصمي الأيسر (الطرف الأمامي) ، الأمر الذي يتطلب عملية جراحية صعبة وإعادة تأهيل وتنشيط اليد .
اريد ان اعيد صياغة عبارة موليير البلاط مرة أخرى البلاط، ودائمًا البلاط . هذه مجرد أمثلة قليلة لعدد كبير من الحوادث المنزلية الخطيرة التي تحدث كل عام بسبب هذه البلاطات الفضفاضة والزلقة التي غزت جميع منازلنا تقريبًا والأماكن العامة لدينا، غالبًا ما يتم اختيار هذه البلاطات الفخارية لجمالها الحديث وسهولة صيانتها، رغم أنها تمثل خطرًا حقيقيًا على كل من يمشى عليها يوميًا، حيث يمكن لأدنى رطوبة، سواء جراء التنظيف الأخير للمنزل أو مجرد الطقس الممطر، أن تحول مجرد خطوة بسيطة إلى سقوط مرعب .
لا ينبغي التقليل من خطورة هذه الحوادث المنزلية، ولااعتبارها مجرد حوادث بسيطة فهي السبب الرئيسي للإصابات ودخول المستشفيات وفي بعض الأحيان للوفاة، خاصة بين الأطفال وكبار السن. إن متوسط العدد التقديري للحوادث المنزلية المسجلة سنويًا مرتفع جدًا بشكل عام على مستوى العالم. ففي فرنسا مثلا هناك حوالي أحد عشر مليونًا اصابة كل عام، وفي الولايات المتحدة يقترب هذا الرقم من ثلاثين مليونًا. ويعتبر السقوط السبب الرئيسي لهذه الحوادث بنسبة تصل إلى حوالي 50%.
من اجل توعية دائمة..
من الأهمية بمكان رفع مستوى الوعي حول هذه القضية واستكشاف حلول بديلة لضمان سلامة الجميع. يجب أن يكون لهدوء وسكينة وأمن الأفراد الأسبقية على الجماليات ومن الضروري أن نأخذ في الاعتبار جميع المخاطر المحتملة عند تصميم مساحات سكننا. يجب أن يستهدف هذا الوعي في المقام الأول الأفراد ولكن أيضًا البناء والحرفي وايجاد الحلول البديلة للوضعية الحالية بغية الحد من مخاطر الحوادث المنزلية المتعلقة بالبلاط الزلق. هناك حلول مجربة :
- طلاءات غير قابلة للانزلاق ونماذج تصميمات أقل لمعانًا - وبالتالي أقل زلقًا -
- ويمكننا أيضًا استخدام البلاط المصنوع من مواد مقاومة للانزلاق عن طريق التركيب أو المعالجة. مصممة خصيصًا لتوفير التصاق أفضل، حتى عندما تكون مبللة، ويجب تركيبها كأولوية في المناطق عالية الخطورة، مثل مداخل المنزل والمطبخ والحمامات.
يمكن نشر الوعي بتلك المخاطر بطرق مختلفة:
- حملة إعلامية على شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية لنشر رسائل حول المخاطر المحلية بشكل عام والمخاطر المتعلقة بالبلاط الزلق بشكل خاص،
- تنظيم فعاليات عامة مثل الندوات وورشات العمل والمؤتمرات حول موضوع خطر. الأرضيات الزلقة وحلول الوقاية الممكنة،
- النظام التعليمي من خلال دمج معلومات حول المخاطر المنزلية وأغطية الأرضيات الآمنة في برنامج التدريس. وقد أثبت هذا النوع من حملات التوعية فعاليته بالفعل في بلدان أخرى وذلك من خلال المشاركة النشطة من طرف المجتمع المدني. على سبيل المثال، نجحت حملة وطنية في خفض عدد الحوادث المنزلية في السويد بنسبة 30% سنوياً، وذلك بفضل التحرك الإعلامي القوي والمبادرات المجتمعية.
أخيرًا، سيكون من المرغوب فيه والضروري أن تقوم السلطات العمومية بتطوير برامج لتسجيل مواقع بناء المنازل والأماكن العامة، من أجل التوصية بإدخال تحسينات على المهنيين والأفراد للحد من مخاطر السقوط، ويعد الجمع بين الوعي واعتماد حلول بديلة أمرًا ضروريًا للوقاية من الحوادث المتعلقة بالبلاط الزلق. ومن خلال تثقيف الجمهور وتنفيذ استراتيجيات ملموسة، يمكننا أن نجعل أماكن معيشتنا أكثر أمانًا. وأكرر: يجب أن تكون للسلامة الأولوية دائمًا على الجماليات. ومن خلال الوعي الجماعي والاختيارات المدروسة، من الممكن تقليل مخاطر الحوادث المنزلية بشكل كبير، والتي تكون عواقبها مأساوية في بعض الأحيان بالنسبة للعديد من مواطنبنا.
محمدن ولد زين