تعديل (المادة 42) من الدستور يجب أن يصاحبه إجراء مواءمات داخل الدستور تراعى نسبة "البرلمانية " التي أدخلها التعديل على بناء النظام السياسي الموريتاني:
1 –فعليا لم تعد صلاحيات رئيس الجمهورية في تعيين الوزير الأول، والوزراء كما ورد في (المادة 30) التي نصت على:
"... يعين الأول وينهى وظائفه
يعين الوزراء... وينهى وظائفهم بعد استشارة الوزير الأول"
إن إلزام الوزير الأول بالالتزام بمسؤولية حكومته من خلال مسألة الثقة أمام البرلمان عند مباشرته "الفعلية " لوظائفه، يعنى أن اختيار الوزير الأول أصبح يعول فيه على الجهة التى تمتلك أغلبية داخل البرلمان حزبا أو مجموعة أحزاب.
نتائج الانتخابات النيابية إذا هي التى يجب أن يحدد على ضوئها من يكلف بتولي الوزارة الأولى، وليس إرادة رئيس الجمهورية.
إنهاء وظائف الوزير الأول في ظل سيطرة الفصيل السياسي الذي ينتمي إليه على الجمعية الوطنية لا يكون إلا بحل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات مبكرة على أمل وصول أغلبية جديدة.
سلطة الوزير الأول والحال كذلك تبرر إعطاءه حق طلب إنهاء مهام وزرائه من جهة التعيين "رئيس الجمهورية"؛ على نحو مذهب الدستور المغربي لسنة 2011 في (مادته 47) الذي جعل من يكلف من الملك بالوزارة الأولى وتشكيل الحكومة هو:"رئيس الحزبالسياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب وعلى أساس نتائجها" وأعطاه أن:" يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة"
أهمية التعديل إذا واضحة للعيان فبه يضمن تحقيق درجة من توازن السلطات الذي هو شرط لتحقق الفصل بينها.
الخلل الملاحظ فى التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية لوحظ والهيأة التشريعية تضم غرفتين إحداهما لها حصانة ضد الحل، ما يعنى أهمية إعمال روحالتعديل، وقد غدا البرلمان الموريتاني من غرفة واحدة يتهددها الحل.
إعمال التعديل حرفيا، بتعيين رئيس الفصيل الذي يحوز أغلبية برلمانية وزيرا أول يرتب عمليا تضاؤل احتمال حل الجمعية الوطنية:
-فلن يعود له من مبرر تأسيسا على مقتضيات (المادة 77) من الدستور:"إذا حدث تغييران للحكومة في أقل من ستة وثلاثين (36) شهرا على إثر تصويت مناوئ أو ملتمس رقابة، لرئيس الجمهورية بعد استشارة رئيس الجمعية الوطنية، أن يحل هذه الأخيرة"؛ إذ كيف يحصل حتى يتكرر تغيير حكومة حزب يمتلك أغلبية برلمانية في أقل من ستة وثلاثين (36) شهرا إثر تصويت مناوئ أو ملتمس رقابة!
-كما أن الحالة الثانية لحل الجمعية الوطنية التي لرئيس الجمهورية بمقتضى (المادة 31/ج) من الدستور: "لرئيس الجمهورية، بعد استشارات الوزير الأول ورئيس الجمعية الوطنية، أن يحل الجمعية الوطنية" ودون الخوض في ضبط دلالة "الاستشارة"، لايتصور التوسع فيها كمدخل للحل؛ لأن التناغم بين الوزير الأول ورئيس الجمعية الوطنية، الذي هو رئيس الأغلبية، الواجب التحقق حتى توجد حكومة ووزيرها الأول، يلغى عمليا مبرر رئيس الجمهورية في اللجوء لمثل هذا الحل مالم تتعرض شرعية الأغلبية النيابية لتدهور واضح للعيان.
في إطار التعاطي مع التعديل الذي أدخل على (المادة 42) من الدستور يجب قياسا على تقرير دورة برلمانية بمناسبة انتخاب جمعية وطنية إثر حل سابقة، التبويب داخل الدستور على دورة برلمانية خاصة بمناسبة تشكيل حكومة جديدة تحتاج للمرور على البرلمان للحصول على الثقة.
بالقانون علق إعمال المقتضيات الواردة في المادة 42 لحين انتخاب جمعية وطنية (المادة 14 من القانون الدستوري رقم 2012-015 الصادر بتاريخ 20 مارس 2012 التى نصت على أنه:" تدخل الأحكام المنصوص عليها في المواد 7 و8 و9 من هذا القانون الدستوري حيز التنفيذ فور الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية المقبلة للتجديد الجزئي أو الكلي للغرفتين")، بعد دخوله حيز النفاذ إثر تجديد البرلمان شكلا وتشكيلة لازال الحال كما كان قبل إقرار التعديل
اتفاق الفاعلين السياسيين على عدم احترام قواعد الديمقراطية وروح القانون يمكن أن يمر دون صخب، لكن نتيجته كارثية على مسار التحول الجدي نحو الديمقراطية:
في الماضي القريب حد الحضور، كان تعيين رئيس للبرلمان رغم أن حزبه لديه نواب بأقل من عدد أصابع اليد الواحدة، ومنع مرشح رئاسي حصل على نسبة تقارب خمس الذين اقترعوا من تشكيل حزب سياسي، وفرضه وزيرا أول على برلمان لا يمتلك فيه أي تمثيل، والاعتماد على نواب ورث بعضهم كلالة واقتني آخرون منهم من بازار "الاستقلالية" التي ترشحوا تحت يافطتها، هو الذي شوه تجربة الأمل الديمقراطي في 2006-2008، وسهل القضاء عليها وهي لا تزال في المهد.
"فاعتبروا يا أولي الألباب"
ذ/ يعقوب ولد السيف