مساء الجمعة الموافق 24 مايو 2024 الماضي نجح بشكل لافت حزب جبهة المواطنة والعدالة "جمع" - تحت التأسيس - في أول اختبار شعبي و تعبوي له عندما غصت قاعة دار الشباب القديمة بالحضور و فاضت جنباتها بالجمهور .
الرسالة ليست فقط في الكم على أهمية ذلك المعطى وإنما في اللوحة اللافتة التي رسمتها المنصة بكثير من الأسماء المرموقة المؤطرة لهذا المشروع الذي تنادت له أطياف مهمة وأطراف فاعلة لتتعانق في تجربة جديدة من التوالي السياسي ؛ لا مراء أنها حقيقة جديرة بالتنويه و المصاحبة .
بالفعل ليست هذه بالمرة الأولى من تجارب التقاء تيارات وشخصيات ذات مشارب سياسية شتى و حتى تاريخيا متصارعة لتأسيس كيان سياسي جامع في موريتانيا ؛ لكن عساها أن تكون الأكثر نجاحا عما سبقها ، من منظور الاستدامة بالمحافظة على قدر من الانسجام و التواضع مع حرص القائمين على التغلب لما قد ينتظرهم من تفجر للطموحات و عواصف الأهواء و حتى أتون الإصطفافات المخلخلة و طبعا شهوة الاستحواذ و شهية المنفعة الشخصية و كلها أمور غالبا مما عمت بها البلوى في أكثر التجارب الحزبية في هذا البلد .
ولعل الخلفيات المعرفية، السياسية والإجتماعية لكثير من ربابنة سفينة "جمع" المتصدرين تدفع إلى مظنة الطمأنة إذ يفترض أنها خلفيات مطبوعة بحكمة السن و مصقولة بطول التجربة و تبصر الممارسة إضافة لبعض أوجه التشبع الذاتية و المضمونية الأخرى التي يمكن التعويل عليها في تجنيب المولود الجديد أو المنتظر الكثير من المطبات و المنزلقات الممكنة بل المحتملة .
شخصيا يعجبني في "جمع" ذلك المنسوب من الإنتماء الحر و "تكافؤ الإرادات" بين أهل الحزب الذين اجتمعوا بأنفسهم وفق "رؤية تحكمهم" و لأمر "يقنعهم " .
لكن كم من الوقت سيبقون بمنأى عن عاهة الأبوية و متلازمة الاستعلاء والاحتكار المطردة ؟
من الطبيعي بروز بعض الهنات و أوجه القصور لكل كائن في طور التلمس و التشكل لا سيما في سياق عام من التشكيك أو التشكك .
صحيح أيضا أنه من وراء الخطاب و الطرح و التموضع السياسي
- في الحال و المآل - فقد أراد حزب "جمع" إرسال رسالة ذات مغزى قوامها النفس البراغماتي و مراعاة المواءمة ؛ هذا من جهة و من جهة أخرى فهو قد سعى أيضا من خلال تشكيل هيئاته و طيف خريطتها الوطني أن يقرأ بإيجابية و اتساع أفق .
لكن القراءات لا تنتهي عند ذلك فحسب ، فأيضا بتشكيل الحروف اي الضبط الإملائي لكلمة "جمع" ذاتها يمكن للآخرين أن يقرأوا كيفما شاؤوا و لو على طريقة سقراط في استحصال المعرفة بالأسئلة المتوالدة .
بالتأكيد ليس في السؤال ما يستبطن سوء النية بل هو من باب التثمين و الحفر فيما يتراءى من استبيان لفرصة سياسية مهمة و جادة و لو في سياق يستصحب الفرجة أو إن شئتم من باب الإمتاع والمؤانسة .
و من هنا فإن اختلاف الضبط الإملائي لكلمة "جمع" ستعطي إما إسما أو فعلا .
و اقتصارا على صيغته الثلاثية فقد يكون فعل "جمع" إما مركبا للمجهول أو غير ذلك .
فإذا كان مركبا للمجهول فهذا يعني أن المرفوع بعد الفعل سيعرب نائب فاعل أما إذا لم يكن غير مبني للمجهول فالسؤال حينئذ سيتمحور حول ماهية المفعولية : ف(من/ما) هو إذن المفعول به و المفعول من أجله ووو....؟
أما في الحالة التي تكون فيها كلمة "جمع " إسما : فهل هو عندئذ جمع تكسير أو جمع سالم و هل يصير يوما جمع جموع ينضبط بجمع الجوامع و متى وكيف ؟......يتبع
السلام عليكم
محمد ولد شيخنا