دأبت وزارة الخارجية والكومنولث في المملكة المتحدة ((UK Foreign and Commonwealth Office (FCO) علي إصدار تنبيهات السفر والسلامة في جميع أنحاء العالم لموسم العطلات،علي شكل خريطة ذات ألوان ثلاثة (الأحمر والأصفر والأخضر)، وذلك لتنبيه المسافرين والسياح إلي ضرورة تجنب زيارة المناطق الشديدة الخطورة ، وزيارة المناطق الصفراء الأقل خطورة للضرورة القصوى فقط مع ضرورة توخي الحيطة والحذر عند الزيارة، وعادة ما يتابع 65% من سياح العالم(أي حوالي 720 مليون سائح حول العالم) ورجال المال والأعمال في العالم، تلك التنبيهاتويحرصون علي قراءة ومتابعة هذه الإرشادات والتنبيهات عند السفر للسياحة أو لغيرها.
• اللون الأحمر: مناطق خطرة لا ينبغي زيارتها بتاتا.
• اللون الأصفر: مناطق يمكن زيارتها، لكنها ليست آمنة، ونسبة الخطر فيها مرتفعة.
• اللون الأخضر: مناطق آمنة يمكن زيارتها.
الخريطة الأخيرة الصادرة في بداية موسم العطلة الصيفية الحالي- لم تتغير كثيرا عن التي صدرت مطلع ديسمبر 2018- نشرت في مطلع أغسطس 2019، مع ملاحظات أمنية حول 15 منطقة في العالم شملت: استراليا ، دبي(الإمارات)، جنوب إفريقيا ، بالي(اندونيسيا) ،تايلاند، المكسيك ،مصر، فرنسا، الهند، الكيان الصهيوني ، الأردن، باكستان، إسبانيا ، السويد، تركيا.
لمزيد من الإطلاع : https://www.itct.org.uk/archives/itct_news/uk-foreign-and-commonwealth-office-fco-releases-worldwide-travel-alerts-for-this-holiday-season
كانت ألوان الخريطة علي النحو التالي بالنسبة للوطن العربي :
1. الدول العربية الآمنة (اللون الأخضر بالكامل) احدي عشرة دولة هي : سلطنة عمان – الإمارات – البحرين – قطر – الأردن – المغرب – لبنان – الكويت – فلسطين المحتلة – جيبوتي - جزر القمر.
2. الدول العربية التي يمكن زيارتها مع ضرورة توخي الحذر والحيطة لأنها غير آمنة نسبيا، ثلاث دول هي السعودية ومصر وتونس، حيث:
- السعودية لونان : 88% من مساحة السعودية آمنة ( اللون الأخضر)، في حين أن 12% من مساحة السعودية خطرة نسبيا، الحدود مع اليمن( اللون الأصفر).
- مصر ثلاثة ألوان: منطقة الدلتا ومجري النيل منطقة آمنة ( اللون الأخضر 30% من مساحة مصر)، جنوب سيناء والشمال الغربي وغرب مصر والجنوب الغربي( اللون الأصفر 65% مساحة مصر) مناطق غير آمنة، أما منطقة شمال سيناء فهي منطقة شديدة الخطورة (اللون الأحمر 5% من مساحة مصر).
- تونس ثلاثة ألوان : منطقة جرجيس وجربة وقليبية والهوارية مناطق آمنة (اللون الأخضر 3% من مساحة تونس)، أقصي الجنوب، عند المثلث الحدودي التونسي الليبي الجزائري، فهو منطقة شديدة الخطورة( اللون الأحمر 5% من مساحة تونس)، معظم أراضي تونس غير آمنة نسبيا ( اللون الأصفر 92% من مساحة تونس).
3. الدول العربية ذات الخطورة الشديدة، التي لا ينبغي زيارتها مطلقا( اللون الأحمر بالكامل)، أربع دول هي : اليمن – سوريا – ليبيا – الصومال.
4. الدول العربية الخطرة ، أربع دول هي : العراق – السودان – الجزائر – موريتانيا.
- العراق لونين ( الأصفر + الأحمر) : كردستان العراق بالشمال والمنطقة الشيعية بالجنوب غير آمنة ( اللون الأصفر 55% من المساحة الكلية للعراق)، المنطقة السنية بالغرب ، والحدود العراقية الإيرانية، منطقة شديدة الخطورة ( اللون الأحمر 45% من المساحة الكلية للعراق).
- السودان لونين ( الأخضر + الأحمر) : شمال وشرق ووسط السودان آمن ( اللون الأخضر 62% من المساحة الكلية للسودان)، غرب وجنوب السودان مناطق شديدة الخطورة ( اللون الأحمر 38% من المساحة الكلية للسودان).
- الجزائر لونين( الأخضر + الأحمر) : مناطق الشمال والغرب ووسط الجزائر، مناطق آمنة ( اللون الأخضر 55% من المساحة الكلية للجزائر)،مناطق الجنوب والحدود المتاخمة لليبيا وتونس مناطق شديدة الخطورة ( اللون الأحمر 45% من المساحة الكلية للجزائر).
- موريتانيا لونين ( الأصفر + الأحمر) : مناطق الغرب والوسط الموريتاني مناطق غير آمنة نسبيا( اللون الأصفر 25% من المساحة الكلية لموريتانيا)، المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية، مناطق شديدة الخطورة ( اللون الأحمر 75% من المساحة الكلية لموريتانيا).
************************
دولتان حاق بهما إجحاف كبير في هذا التقييم هما موريتانيا وتونس، حيث تتسم هاتان الدولتان بدرجة كبيرة من الأمن والأمان، لذا أري أن وضع موريتانيا في الخانة الحمراء (75% من أراضي البلاد باللون الأحمر) أي الدول الشديدة الخطورة، فيه ظلم غير مبرر! تقييم كهذا لن يمكن الدولة من التسويق للمنتج السياحي في أراضيها بأي حال من الأحوال.
أما تونس التي تم وضع 92% من أراضيها في خانة مناطق غير آمنة (اللون الأصفر)، فإنه سينعكس سلبيا علي السياحة ولا سيما القادمة من الاتحاد الأوروبي.
هذا التصنيف سيضر باقتصاد البلدين، وسيشكل عائق أمام الاستثمارات الخارجية وتدفقها، فضلا علي الضرر البالغ الذي سيلحق بالسمعة الخارجية للبلدين علي الصعيد الدولي، عليه أري أنه علي صناع القرار بالدولتين (موريتانيا وتونس)، إتخاذ خطوات وإجراءات لتصحيح الصورة، فالتقرير مبالغ فيه بخصوصهما وغير منصف، ولن يمنع فقط السياح من القدوم إلي تونس أو إلي موريتانيا، بل إن تداعياته ستنعكس علي النشاط الاقتصادي وبالذات علي الاستثمارات الخارجية وحركة الرساميل إلي البلدين!
لا ينبغي أن تتجاهل حكومتا البلدين هذا التقرير، بل ينبغي عليهما الرد عليه بخطوات عملية تصحح من صورة البلدين وهذا الأمر من صميم عمل الرئاسة ووزارات الخارجية والسياحة والتجارة والصناعة معا عبر خطة عمل علي أسس احترافية وبطاقم مهني رفيع المستوي، تبدأ خطة العمل تلك بحملة علاقات عامة علي المستوي الدبلوماسي في كبريات العواصم الغربية ،مرورا بإجراء تقارير ودراسات أمنية رصينة ورفيعة المستوي من قبل باحثين من العيار الثقيل، تعج بهما كلا من موريتانيا وتونس، ونشرها في دوريات محكمة وباللغة الانجليزية التي يقرأها ثلاثة أرباع قراء المعمورة (والتوقف عن التعاطي مع العالم بلغة تحتضر وباتت محدودة الانتشار كالفرنسية!)، وإنتهاء بإقامة حفلات فنية يحييها فنانون عالميين، وإقامة دورات رياضية ودية في الرياضات الأكثر شعبية في العالم ككرة القدم أو سباقات الفروسية، وتتم دعوة فرق وأندية كبيرة للمشاركة فيها ودعوة كتاب ومشاهير لقضاء عطلاتهم عطلة مبرمجة مسبقا). هذا علي المستوي الرسمي، وهو الأهم ويعطي مردود سريع، وقد قيم به في العديد من الدول التي عرفت موجات عنيفة ومتقطعة من الأعمال الإرهابية، وحققت تلك الدول نجاحات ملحوظة في تصحيح الصورة، وإعادة تصنيفها ونقلها من خانة الدول الشديدة الخطورة إلي خانة الدول الآمنة، وفي هذا السياق نذكر اندونيسيا وتايلاند والفلبين، التي تراجع فيها عدد السياح بشكل حاد بعيد التفجيرات الإرهابية التي ضربتها قبل عقد من الزمنمن عشرات الملايين إلي بضعة آلاف فقط في السنة،وأدت تلك التفجيرات إلي نزوح كبير للاستثمارات الأجنبية من تلك الدول إلي ماليزيا والصين، لكن هذه الدول سرعان ما استعادت مكانتها السياحية والاستثمارية بعد تصحيحها للصورة من خلال خطة عمل شاركت فيها معظم أجهزة الدولة، هذا فضلا عن الدور المميز الذي لعبته النخبة الثقافية إبان أزمة التفجيرات تلك في هذه البلدان، هذا دون إغفال الدور الفعال الذي قامت بهجاليات تلك الدول في الدول الغربية وشمال أمريكا لتصحيح الصورة .
د. الحسين الشيخ العلوي
24 سبتمبر 2019 / تونس