ينتج عن معالجة التعدين بصفة عامة من خلال طرق المعالجة وكذا من خلال نفاياتها الكثير من المخاطر البيئية لعل أبرزها التلوث المرتبط بتشغيل المطاحن الذي ينتج عنها ارتفاع منسوب الغبار مما يؤثر سلبا على الغلاف الجوي ومن ثم على جودة الهواء الذي يتنفسه البشر، وبغض النظر عن المعدن المعالج سواء حديدا، نحاسا أو حجرا فإن هذه المواد المنبعثة والتي تحتوي على سموم في شكل غبار تمتلك القدرة العالية على اختراق مخارج الجسم والتسرب إلى الجهاز التنفسي للمستنشق لها، يجعل معالجة آثارها في الوقت المناسب أمر ضروري.
من خلال دراسة أجريناها قبل فترة في أحد المناجم، كنا نضع فوق حائط بارتفاع متر واحد من سطح الأرض زجاجة شفافة وبعد مرور أيام 4 اكتشفنا أن سمك الغبار المتجمع على الزجاجة أصبح عدة سنتميترات من غبار دقيق جدا وشكله نفس شكل الصخور المعالجة في المطاحن الناتج عنها، ما يدعوا للقلق ويحتم إجراءات احترازية خاصة تتلخص في احكام الإغلاق على جميع مخارج الجسم كالفم والأنف وكذا الأذنين بالإضافة إلى مراقبة دورية للمتعرضين لها وقد تخترق هذه الجسيمات الحواجز المستخدمة لمنعها.
هنا لابد من وضع تصورات وحلول من ذوي الخبرة تنبع من تجاربهم وليس من خلال الجانب النظري فالأمر يتعلق بحياة الإنسان وجودة الهواء وبالتالي لا مساومة فيه.
إشكالية أخري تتعلق بالمواد الكيميائية التي تستخدم في معالجة المواد المحتوية على المعادن , بعد طحنها حتي تصفي المعدن, وهذا هو الجانب الكيميائي الذي يحتوي هو الآخر على مخاطر صحية كبيرة على صحة المستخدم , وكذا على جودة الهواء كالزئبق مثلا وبعضها يشكل مشكلا كبيرا على المياه الجوفية, وعلى المستخدم في نفس الوقت كا سياتيد مثلا و مواد أخرى مصاحبة في العملية الإنتاجية تأثر على المستخدم فقط ،هذه الأخيرة لا تستخدم في التعدين فقط بل تستخدم في الصناعات بصفة عامة.
إن الصناعات بصفة عامة لها تأثير كبير على البيئة خاصة على مستوي التلوث الهوائي فصناعات الإسمنت فقط تشكل 5% من مصدر الانبعاثات الملوثة للهواء في العالم، أرقام يصعب تجاهلها وينبغي البحث عن حلول لها، خاصة إذا كانت هذه المصانع جنبا إلى جنب مع الساكنة وفي الوسط الحضري يتنفس من هوائها ليلا ونهارا.
إن وضع تصور قائم على الحفاظ على البيئة والحفاظ على توازن بيئي يعتمد على حفظ جودة الهواء، معالجة التلوث البيئي في المستقبل القريب ووضع استراتيجيات جديدة وواضحة تعتمد على الردع لكل جهة تأثر على البيئة، هذا هو ما يجب أن نركز عليه،وكذا مراجعة الالتزامات البيئية للشركات والمصانع المختلفة ومطابقتها مع النظم البيئية التي وقعتها الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
ليس هذا فحسب فالإشكالات البيئية المرتبطة بالتعدين تتلخص فيما يلي:
1- تدمير النظم البيئية: تؤثر عمليات التعدين بشكل كبير على النظم البيئية، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تدميرها. تتضمن هذه العملية، الضرورية للوصول إلى المعادن الموجودة تحت الأرض، إزالة واسعة النطاق للأراضي. تؤدي مثل هذه الأنشطة إلى تشريد الحياة البرية وتدمير موائلها، مما يتسبب في خسارة ملحوظة للتنوع البيولوجي. ويتجلى هذا التأثير بشكل خاص في مناطق الغابات، حيث يساهم التعدين في إزالة الغابات مما يؤدي إلى تأثير الدومينو على النظام البيئي، بما في ذلك زيادة انبعاثات الكربون، مما يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ.
2- تآكل التربة وتلوثها
يعد تآكل التربة والتلوث من الآثار البيئية الهامة للتعدين. عندما تؤدي عمليات التعدين إلى إزالة الغطاء النباتي والتربة السطحية، فإن استقرار الأرض يتعرض للخطر. مما يؤدي إلى تدهور الأراضي في موقع التعدين وفي المناطق المجاورة، مما يسبب مشاكل في النظم الإيكولوجية.
ان آثار التعدين على البيئة كبيرة وبعيدة المدى. ويتعين على الصناعة أن تتبنى ممارسات أكثر استدامة، وتستثمر في التكنولوجيات النظيفة، وتسمح للحكومات بتنفيذ وإنفاذ لوائح بيئية أكثر صرامة. علاوة على ذلك، لا بد من حدوث تحول نحو الاستهلاك المستدام والاستثمار في مواد بديلة أقل ضررا بالبيئة. ومن خلال هذه الجهود المتضافرة فقط يمكننا أن نأمل في التخفيف من الآثار الضارة للتعدين على بئتنا
محمد عينين أحمد
رئيس الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة