في العشرين يناير 1976: ذهبت مرة أخري إلي افديرك والبير وعين بنتيلي، لم تكن الوضعية في هذه المنطقة مريحة بالمرة. فعين بنتيلي كانت محاصرة وتتعرض لقصف مكثف، وكانت الطائرات تحاول الهبوط لكن المدارج كانت، هي الأخرى، تحت القصف من قبل العدو.
في العشرين يناير وفي حدود الساعة السابعة مساء، انهارت السرية التي كانت تمسك المدينة وتفرقت أشلاء. وفي العاشرة من صباح 21 يناير وصل عنصر أول من هذه السرية الي البير علي متن سيارة، قام هذا العنصر، وهو ضابط صف، برسم لوحة قاتمة عن الحالة العامة، وقال بان العدو قد استولي علي برج وعين بنتيلي، وأن سيارة تحمل عددا من فلول السرية قادمة في الطريق.
عند ذلك قام قائد القاطع الشمالي بإصدار الأوامر الي قوات الدعم التي أرسلت أمس الي عين بنتيلي بالعودة، وبعد فترة وجيزة من هذا الإجراء أرسلت إليه عين بنتيلي رسالة تطلب فيها إمدادا وذخيرة، وعليه فلم تكن عين بنتيلي قد سقطت بعد. عندها قام قائد القاطع بالبحث عن طريقة لإبلاغ أوامره الي قافلة الإمداد للعودة أدراجها والتوجه الي عين بنتيلي، فقد كانت طائرة "سسنا" الصغيرة تعاني من مشاكل في الخزان وبالتالي لم تكن صالحة للقيام بالمهمة. وهكذا وصلت القافلة الي البير ثم عادت متوجهة الي عين بنتيلي، وإضافة الي ضياع الوقت هذا حدثت الكثير من الأعطال أدت الي كون القافلة ما تزال الي اليوم (22 يناير) علي بعد 35 كلم من عين بنتيلي.
أما السرية الرابعة فقد تحركت من افديرك للتوجه الي البير، وعندما وصلت الي "الصفاريات" سقطت في كمين ولاذت بالفرار تاركة خلفها سيارتين ("لاندروفر" مزودة بمدفع 12.7 وسيارة أوتان) و15 رجلا بين قتيل وجريح، وعادت الي افديرك ب 11 جريحا وقتيل واحد.
تأملات: لماذا لم تكن التعزيزات قد أرسلت برا الي عين بنتيلي في 19 يناير، أي فور طلبها؟ هذا شيء غير معقول وغير مقبول أيضا خصوصا وأن قائد الفيلق اسويدات ولد وداد قد استشهد في الساعات الأولي من المعركة.
في 22 يناير تسارعت الأحداث من سيئ إلي أسوأ، فالسرية الثامنة التي كانت تحمي عين بنتيلي انهارت وجاءت أولي عناصرها اليوم الي البير، وباقي السرية منتظرة أثناء النهار. وقد سقطت عين بنتيلي في يد العدو، أما قافلة النقيب ابراهيم (ولد عالي انجاي) التي تبعد ثلاثين كيلومترا عن عين بنتيلي فقد وصلتها الأوامر بالعودة الي البير.
تأملات: لقد انتابني في هذه اللحظة شعور بالإهانة، ذلك أن أسوأ ما يمكن أن يحصل هو السماح للبوليساريو باستغلال نصر من هذا النوع، لكن هذا ما حصل.. تلك هي الحقيقة القاتمة والوحشية. وقد أنتاب الشعور بالعجز كافة مسؤولينا الذين لا يملكون فيما يبدو أي وسيلة لإصلاح الأمور.