حدثان مهمان، وقع أحدهما هذا العام، ووقع الآخر عام أول، لم أر من وقف عندهما من ناحية جديرة بأن يوقف عندها. أما الأول، فسقوط حكومة الإنقاذ في السودان، وحلُّ حزبها، بعد حكم دام نحوا من ثلاثين عاما، وحلول العسكر والشيوعيين محلها.وهو دليل على أن الحركة الإسلامية في السودان عجزت عن أن تورِّث نهجا في الحكم، يجعل الأمر إلى الشعب، ويلجم نزوات الجيش عنه، وما قد يترتب عليها من عصف بالبلد. ولا بنت دولة، ينال مواطنها الحد الأدنى من ضروريات الحياة بثمن لا يبهظه. وإذا ووزنت الحال التي تركت عليها البلد بالحال التي وجدته عليها، لم تكن خيرا منها. وكان من أسباب ذلك النزاعُ الذي دبَّ إلى الحركة، وما تبعه من قطْع رأسها، وعقلها المفكر، واستبداد العسكر دونه بالحكم، وتعطيل خطط الحركة، والسير بالبلد وجهة غير التي أرادت له؛ فما كانت ثورتها سوى انقلاب من انقلابات إفريقية التي تهلك الحرث والنسل. ولم أر من أحزاب العقائد العربية من قرأ هذه التجربة قراءة متعظ، بل ما زال بعضها يترسم خطا الحركة السودانية، ويسلك مسالكها إلى الحكم، ويهتدي بتجربتها، كأنها بلغت كل ما أرادت، وقدمت أنموذجا يقتدي به المقتدون، ويظن أن سينجو من مآلها، وما جرَّت على السودان، كدأب بعض العرب: يفعلون الفعل، ويظنون أن سيكونون بمنجى من سنن الله، حتى يفجأهم منها ما لم يكونوا يحتسبون. والسعيد من وعظ بغيره، والشقي من وُعِظ بنفسه؛ لأنه لا يتعظ حتى يصلى. لقد قال حسن الترابي -رحمه الله- إن حركته شرعت تخطط للانقلاب مذ أيقنت أن الغرب لن يسمح لها بالوصول إلى الحكم عن طريق الديموقراطية. وكان ذلك منها عدم حصافة؛ فإن الغرب الذي يمنعها الوصول إلى الحكم بطريق الديموقراطية، قادر على أن يمنعها البقاء فيه إذا وصلت إليه بانقلاب، إلا أن منع الوصول أقل تبعات؛ لأنه لا يتعدى الحؤول بينهاوبين الحكم، ومنع البقاء لا يكون إلا بحصار البلد، وتجويع أهله، حتى يكونوا هم الذين يثورون عليها ويسقطونها. وكان من الحصافة التفكير في طريق ثالث، هو الخروج من التنظيم والسياسة إلى الثقافة، والتعليم، والاندماج في سياسة البلد، والسعي في ترشيدها، وتوجيهها إلى بناء البلد حتى يبلغ من القوة ما يمكنه من أن يختار خياره الحضاري، لا يخشى حربا ولا حصارا. ولكن النضال في هذا المجال، مع أنه مضمون العواقب ومأمونها، لا يصبر عليه إلا أقل الناس، وما أظن أن أحزاب العقائد في الوطن العربي تقوى عليه، أو تفهمه فهما جيدا؛ لأن عقيدتها تدفعها أبدا إلى المغالبة والمصادمة، وليس لها سلف تقتدي به في هذا النهج، ولكنها تعرف من قام بانقلاب فحكم، وتعرف من دخل السياسة، ففاز بمقعد، أو بلدية، ونحو ذلك، ولا تعرف من قاد شعبا بالنضال المدني الذي يبنى الإنسان، وينقل إليه الأفكار، ويحمِّله مهمة تمثُّلها وإقامة الحياة على وفقها. فكان لزاما ألا تتعظ إلا بنفسها.
والحدث الثاني إنشاء حزبين تركيين بقيادة أحمد داود أوغلو، وعلي بابا جان، وهما عضوان مؤسسان لحزب العدالة والتنمية. ولا بأس بإنشاء الحزبين، ولا بخروج رأسيهما من حزب العدالة والتنمية، فما حزب العدالة والتنمية إلا حزب منشق عن الحركة التركية، وما رئيسه رجب طيب إلا عضو من أعضائها، خرج عنه غيره كما خرج هو عن غيره، وإن كانت دواعي الخروج شتى، فقد خرج رجب طيب ورفاقه بعد أن بلغ حزب الرفاه مداه، ولم يبق في قوسه منزع، وبدا أن جمهوره لا يزيد، لأسباب تتعلق بشروط عضوية الحزب، وجمهوره، والخطاب الذي ينبغي أن يخاطب به، فرأى رجب طيب ورفاقه أن مصيره إلى التحلل والفناء؛ لأن "الهلال إذا لم يكبر يصغر". أما دواعي خروج أحمد داود وعلي بابا ورفاقهم من الحزب، فخلاف بينهم وبين رجب طيب، في بعض سياسته وعلاقته بأعضاء الحزب، وهذا ما يهمني في هذا المقال؛ فإنه دليل على أن الحزب حديث عهد بالديموقراطية، وما زال رأسه متأثرا بعهد الحركة، وما فيه من سيطرة الفرد، وعد الأعضاء أنفسهم تلامذة له، لا أعضاء مساوين له. من أجل ذلك لم يتسع حزب العدالة والتنمية للخلاف الذي قد يبلغ حد التناقض في الديموقراطيات العريقة، ثم لا يكون له تأثير في تماسك الحزب، ولا يترتب عليه انشقاق ولا فصال؛ لأنه، كالدولة المعرقة في الديموقراطية: مؤسسة مستقلة عنالأشخاص، لها نظمها الواضحة، التي وضعها الأعضاء، وهي قابلة للتغيير، على حسب ما يجد من مقتضياته، وليست عقائد تلقَّن، ولا فروضا تُفرَض، ثم يلزم الأعضاء طاعتها، ولا قيودا يعاق بها عن عمل غير المعهود في العمل الحركي، وإن كان خيرا من المعهود. وهي من السعة، والمرونة، والعقلانية، بحيث تتيح للأعضاء أن يقفوا حيث يرون، وإن خالفوا الحزب ووافقوا خصومه، ولا تلزم واحدا منهم أن يوافق الحزب في بعض ما لا يرى. وهذا من أسباب أن الأحزاب في الديموقراطيات العريقة تأتي عليها العقود ما انشقت، ولا وقع فيها ما يقع في أحزاب العالم غير الديموقراطي، كما تأتي على البلد القرون ما وقع فيه انقلاب، ولا تغير نظام الحكم.
ويستوقف من الواقعتين التركيتين أمران: أن رئيسي الحزبين من ألمع مؤسسي حزب العدالة والتنمية، وأعظمهم شأنا، وتوليا أرفع المناصب في حكومته (وزارة الخارجية، ورياسة الوزراء، ووزارة الاقتصاد)، وهذا من دواعي أن يكون لهما تأثير في سياسته، والأمر الثاني أن الحزبين لم يؤسسا إلا بعد مدة من الخلاف بين رئيسيهما ورئيس حزب العدالة والتنمية، وذلك يعني أن السبل إلى الوفاق قد سدت، ومحاولات الصلح قد استنفدت. هذا إلى ما يقال من أن جل مؤسسي حزب العدالة والتنمية قد خرجوا منه. وليس تقويم الخلاف بين هؤلاء وقيادة الحزب مما أعتمد هاهنا؛ وإنما أعتمدالجانب العقدي منه، وتأثيره في الحزب، وفي الاتجاه الإسلامي عامة. ومن العادة أن يرد بعض الذين ينتقدون على رجب طيب مخالفة الرفاق إلى الاستبداد، وقوة الشخصية، فهما اللذان جعلا الرفاق ينفضُّون من حوله، ويستبد بتسيير الحزب والدولة على ما يرى، على مخالفته ما ينبغي من النهج الذي ارتضى الحزب مذ تأسيسه أول مرة. وهذا يجعله هو الحزب، ويجعل بقاءه وتأثيره مرهونين بشخصه، ولا يُدرى، إذا انتهى عمره السياسي، من يخلفه، وهل يمكن أن يبقى الحزب بعده، ويبقى تأثيره وقوته وتماسكه، أم سيكون كحزب نجم الدين أربكان بعد رحيله، حزبا صغيرا، لا يحصل من المقاعد على ما يدخله مجلس النواب؛ لأنه لم يُبن بناء المؤسسات، وإنما كان حزبا من أحزاب الأشخاص والعقائد، وهي لا تعمر طويلا. وإذا صح أن هذا هو حال الحزب، وما سيكون مصيره، فلعل رجب طيب تعجل الإنجاز والوصول السريعين إلى ما يبغي، وشغله ذلك عن بناء مؤسسة سياسية، تبقى بعده، وتسير بسيرته، ويمكن أن تحكم مدة طويلة، ويسير الخلف منها على نهج السلف، أما تعجل الإنجاز وحده، وإن عظم، فيحول دون ذلك؛ لأنه لا يكون إلا محدودا؛ إذ المتاح له من الزمن عشر سنين، وإذا رحل عن الحزب وهو غير متماسك، ولا على نهج سوي، كانعرضة لأن يتفكك، ويكون هو كواحد من رؤساء تركية الذين أحسنوا فيما تولوا، ثم لما انتهى عمرهم السياسي لم يجدوا من يواصل مسيرتهم، كتورغوت أوزال.
وأعني بأحزاب العقائد كل جماعة تزاول السياسة، وتبني عملها على أفكار، تنزلها منزلة العقيدة، وتجعلها فوق أن تراجع، أو توضع موضع النقد والتقويم، وإن لم تعلن بذلك، ولكن لسان حالها يقوله، كما يبدو من ثباتها على نهج واحد، وتردادها مقولات، لا تتغير، واعتقادها أنها على صواب فيما تأتي وما تذر. والأحزاب التي هذه حالها قد سقط أكثرها في العالم، كأكثر الأحزاب الشيوعية، والحزب النازي، والأحزاب القومية، كحزب البعث، والأحزاب الناصرية، في الوطن العربي، وجبهة التحرير الوطني في الجزائر، وبعض الأحزاب الإسلامية، كالحركة الإسلامية في السودان، وحركة الإخوان المسلمين في مصر، وجبهة الإنقاذ في الجزائر، والكادحين في موريتانية. وليس معنى السقوط الزوال المطلق، فقد يبقى بعضها، لكنه يكون ضعيفا، ولا تأثير له، ولا يقتنع به إلا أعضاؤه. فهذه الأحزاب عرضة للسقوط أكثر من غيرها، وإن كان الأصل أن تكون العقائد لحاما، يشد المنتسبين إليها بعضهم إلى بعض، ويوحد أفكارهم. وإنما كانت هذه الأحزاب عرضة للسقوط أكثر من غيرها، وكان إخفاقها أمرا حتميا، لأسباب،أهمها:
1- الجمود، وعدم القدرة على التجدد؛ لأنها غير ديموقراطية، والديموقراطية تتيح تغييرالأفكار والأشخاص؛ فإن الأمور فيها إضافية (نسبية)، وحتم على من أراد الحق والخير ألا يثبت على شيء، لا يستيقن صحته، ولا أنه أمثل الموجود، بل قد يكون غيره خيرا منه وأصح، بخلاف العقائد، فإن مبناها على اليقين، من أجل ذلك يغلب على أصحابها الثبات على ما عرفوا لاعتقادهم أنه هو الخير، والحق المطلق؛ ولذلك تظلقيادة أحزاب العقائد في يد شخص، أو أشخاص معدودين؛ لأنهم أكثرها استيعابا لعقيدة الحزب، وأقدرها على تبلُّغ غاياته. ولما كان الإنسان محدود العقل، محدود القدرات، وإذا اعتاد أمرا، ألفه، وغدا من ثقافته وليس في وسعه أن يعدل عنه، أو يفلت من سلطانه عليه، وغدت عاداته عقيدة، وإن كانت خطأ، ولكنه يجمد عليها، وعلى ما فيها من الخطأ، وتحجب عنه ما يجدُّ من أفكار ووسائل، خير مما عهد، كان لزاما أن يُغيَّر الأشخاص، ويُستبدَل بهم بين الفينة والأخرى، وإلا أدرك الحزب من الجمود ما لا صلاح عليه. وتتيح الديموقراطية من تغيير الأشخاص ما يغير الأفكار، والنهج،والسلوك، ويتيح من التقويم، والسير بالعمل في طريق جديد، ما لا يتيح الثبات. والثبات صفة تشترك فيها أحزاب العقائد كلها، ولذلك لا يكاد رئيس الحزب فيها يتغير إلا بالموت، كما لا يتغير الرئيس المستبد إلا به. ونتيجة هذا الحتمية هي التحلل السريع أو البطيء، أو النهاية بعد مدة من الحكم، إن حكم، تتسم بالعسف، والشك في كل مخالف، وعده عدوا للثورة، والحزب، ورميه بالرجوع، والتخلف، وما يترتب على ذلك من قتله، أو نفيه، أو سجنه سجنا مؤبدا، أو سجنا طويلا، وأكثر من ينال ذلك منه المثقفون؛ لأنهم هم الذين يعلمون، وغيرهم لا يقرأ، ولا يفكر؛ فيجمد على ما عرف أول مرة كما تجمد العجائز على ما ألفن، ولُقِّنَّ من العقائد، ويكون آخر يوم في حياتهن كأول يوم.ولهذا كان لأحزاب العقائد مع المثقفين تاريخ غير مشرف، يبين عن بعضه قتلُ الخمير الحمر كلَّ أملس اليدين، يلبس نظارة؛ لأنه مظنة أن يكون مثقفا، وخلوُّ حركة الإخوان المسلمين بمصر من المثقفين حتى قال يوسف القرضاوي: لم يبق في الإخوان إلا المنخنقة، والموقوذة، والمرتدية، والنطيحة، وما يعافه السبع، ومن "يكثَّر بهم السواد، ويطفأ الحريق، ويُشغب على السلطان"، وما نال المثقفون في عهد الحكومات القومية العربية من نفي، وسجن، وتشريد، وملاحقة، واغتيال.
2- التحلل من الأخلاق: وسببه ما يعتقد الحزب من أنه على الصواب المطلق، وأن من يخالفه مخطئ بيقين، وأنه خير للبلاد من أهلها جميعا، وأغيرهم عليها، وأخلصهم لها، وأدراهم بمصالحها، وأن كل ما يعمله سائغ؛ لأنه يبلغه مقصدا مشروعا، فيتحلل من القيم، ويغدو فعله وتركه هما ميزان القيم، ويجعل نفسه وصيا على البلاد، من غير أن يُستوصى عليها، ودولة في دولة، فيذكي العيون في داخله ليطلع القيادة على كل قول أو فعل يصدر من العضو، من أجل أن تبادر إلى معاملته بما هو أهله، كالفصل، والتشهير، إلخ؛ فإذا خرج العضو من الحزب، استحل منه ما حرم الله والأخلاق، وعومل أسوأ معاملة تهتدي إليها قيادة الحزب. ويعرف الخارجون من الأحزاب الإسلامية من ذلك ما يندى له الجبين، ويسودُّ وجه الفضيلة، ويستنكف كثير من اليهود والنصارى والملحدين، كحرب إخوان مصر على حزب الوسط، لما خرجوا من تنظيمهم، فكان مأمون الهضيبي، مرشد الجماعة يقول: "إنني أستطيع أن أجعلهم يسيرون في الشارع بلابيص"، أي: عراة، لا يملكون شيئا، وكانوا يسمونهم "مطاريد"، ويمنعنون أعضاء جماعتهم من لقائهم، وردِّ السلام عليهم، إذا لقوهم اتفاقا. وبهذا ونحوه يشتغل الحزب بصناعة الأعداء، فإن حكم يوما كانوا عليه مع كل من أراده بسوء، حتى يسقطوه. وإذا فكر الحزب في الحكم، لم يستنكف من وسيلة، تبلِّغه ما أراد، ولم ير بأسا بأن يقيم دولة في دولة، فتغدو له استخباراته، ووسائل تجسسه، ويخترق مؤسسات الدولة، ليعرف كل ما يمكنه أن يعرف منها، وكيف يستعين بذلك على بلوغ ما يريد، ويمكِّن فيها لرجاله استعدادا لأن يتولوها إذا هو حكم، وإن لم يكن رجاله خيرا من سائر الشعب؛فيعم الفساد المالي والإداري، على ما كان يسوِّغ به حرصه على الحكم من إرادة الإصلاح، ومحاربة الفساد. وقد ذكر حسن الترابي جانبا مما كانت تتوسل به حركتهمن الوسائل للوصول إلى الحكم، فقال إنها كانت لها أجهزة اتصالات، ومخابرات، فلما قررت الانقلاب، نفذته بأعضائها، فألبستهم ملابس عسكرية، هي حاكتها لهم.وكذلك فعلت جماعة الخدمة بتركية، لما أن أرادت الانقلاب على الحكم عام 2016، فلم تستنكف من رد البلد إلى حكم العسكر الذي رزح تحته منذ الانقلاب على السلطنة العثمانية، ولا استنكفت من التخطيط لاغتيال مسلمين معصومي الدماء. وبهذا ونحوه يسوَّغ التجسس على الأشخاص، والأحزاب، وانتهاك حصانتهم وحصانتها، بالدخول فيها بنية إفسادها، وإفساد خططها، وضرب بعضها ببعض، وسلبها حقوقها الدستورية والإنسانية، ويكون لسان حال الحزب: البلاد لنا من دون أهلها جميعا، ولا حق فيها لغيرنا، ومن حقنا أن نفعل بها وبأهلها ما نريد، وكل ما يبلِّغنا ما نريد، فهو مشروع لنا؛ لأنه هو مصلحة البلاد والعباد. وبه يسوَّغ ما يسعى فيه بعض الأحزاب من ابتلاع الشعوب، من أجل ولادتها كما تشاء، لتصلح للحياة التي تريد لها، إلخ. وإذا قدر للحزب أن يحكم صير البلد دولة بوليسية، وكان همه الأكبر البقاء في الحكم أطول ما يستطيع، وإن علم أن ليس في وسعه أن يعمل شيئا، وسعى في تفتيت الشعب، وتحطيم مرجعياته الثقافية؛ ليضعف كل كيان غيره، حتى لا يكون في وسعه أن يضره، أو ينافسه، ويكون ما يسوغ به فعلته أنَّ حكمه، ولو لم يصنع شيئا، خير من حكم غيره؛ فهو خير للبلد، على كل حال. وإذا طال الأمد على الحزب تآكل من الداخل، وأصبح دمية، ليس فيها سوى الأخطاء المزدحمة، والسوءات المزمنة، لكن ذلك يستر بثقافة باطنية، مبناها على الدعاية التي لا تستنكف من خلق ما لم يكن، والوعود، لا يوف بها، وتقليب الأمور، وجعل الباطل حقا والحق باطلا، والهزائم نصرا، فإن قدر له أن يحكم لم يكن عنده ما يحكم به إلا تلك الثقافة الباطنية التي سرعان يتكشف أمرهالمن كان يخفى عليه، ثم يسقط كما سقط كل حزب مثله، وتذهب تلك الآمال والوعود والتضحيات أدراج الرياح.