هل نتجه نحو صراع جديد في منطقة القرن الأفريقي بين إثيوبيا والصومال

أبرمت إثيوبيا في 1 يناير 2024 في خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، اتفاقًا مع إقليم صوماليلاند، الساعي بإصرار نحو الانفصال عن الجسد الصومالي. يُرتقب أن تكتمل مرحلة المفاوضات الدقيقة لهذا الاتفاق في غضون شهر واحد. هذه الخطوة تمثل اللبنة الأولى في بناء مسار تشريعي يهدف إلى تحقيق طموح إثيوبيا الطويل الأمد في الوصول إلى البحر.

في تصريحات جلية أدلى بها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، خلال شهر أكتوبر، شدد على أن الوصول إلى المياه الزرقاء يشكل عقدة الأمور بالنسبة لبلاده، الأمر الذي أثار موجات من التوتر في ربوع منطقة القرن الأفريقي. كما يفتح هذا الاتفاق، بنجاحه، آفاقًا محتملة أمام إثيوبيا لاقتناء "قاعدة بحرية تحت الإيجار".

تجدر الإشارة إلى أن إثيوبيا، التي كانت تمتلك قوة بحرية مؤهلة، تقف اليوم على عتبة الفرصة لنيل منفذ بحري عبر الاتفاق الراهن. يُذكر أن إثيوبيا فُقدت ميناءها البحري بانفصال إريتريا في مطلع التسعينات. ومنذ تلك اللحظة، لم تتوقف جهودها الحثيثة للظفر بمنفذ بحري دائم. بتعداد سكاني يتخطى حاجز الـ100 مليون نسمة، تعتبر إثيوبيا واحدة من أكبر الدول الحبيسة من حيث الكثافة السكانية على مستوى العالم. حتى اللحظة الراهنة، اعتمدت إثيوبيا على ميناء جيبوتي المجاور في تدبير جل وارداتها وصادراتها.

غير أن الاتفاقية الجديدة قد تُحدث تحولاً في هذا النسق. وهذا يُفسر الدواعي التي حملت الرئيس الجيبوتي على توبيخ السفير الإثيوبي لدى بلاده بسبب إخفاء تفاصيل المفاوضات الجارية مع صوماليلاند. - ما هو المقابل لصوماليلاند(أرض الصومال) من الاتفاق. لحصول إثيوبيا على إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر في إطار الاتفاقية المبرمة بين إثيوبيا وصوماليلاند، تحظى الأخيرة بمكاسب استراتيجية واقتصادية هامة. أول هذه المكاسب هو الحصول على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية، وهي شركة طيران البارزة على مستوى القارة الأفريقية. هذا يمثل تقدماً مهماً لصوماليلاند من الناحية الاقتصادية بتعزيز قدراتها في مجال النقل الجوي. المكسب الثاني، والذي يحمل أهمية سياسية بالغة، هو البند الذي يتضمن احتمالية اعتراف إثيوبيا بصوماليلاند كدولة مستقلة في مرحلة لاحقة. هذا الاعتراف المحتمل من دولة ذات وزن كإثيوبيا يمكن أن يكون له تأثير كبير في دفع مساعي صوماليلاند نحو الاعتراف الدولي.

صوماليلاند، التي أعلنت استقلالها في بداية التسعينيات، منذ أكثر من ثلاثة عقود لم تتلقَ بعد اعترافًا دوليًا واسع النطاق بما في ذلك من قبل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي. وصوماليلاند، التي أعلنت استقلالها عن الصومال، الإمارات العربية المتحدة هي من بين القلائل الذين يتعاملون معها كدولة مستقلة، وهي تدير ميناءها الهام. على الرغم من عدم الاعتراف الرسمي بها كدولة ذات سيادة، إلا أن أرض الصومال تعمل كدولة منذ عام 1991.

ويُعد ميناء بربرة أهم الأصول الاستراتيجية للبلاد، وتدرك أرض الصومال ذلك، لذلك تفاوض بها الدول لنيل الاعتراف بها.. الاعتراف الذي قد تقدمه إثيوبيا يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الوضع الدولي لصوماليلاند واعتراف أوسع بها كدولة مستقلة.

أربعاء, 03/01/2024 - 11:44