كورونا جاء ليتحدى مانحن عليه بكليتنا. لأول مرة نخاف معا، نقلق ونحرص ونتابع في نفس الوقت، نتخذ التدابير الوقائية كأننا جسم واحد. ومهما إختلف جنسنا أو لوننا أو جنسيتنا أو ثقافتنا نعزل أنفسنا، كأننا أصبحنا أسرى مرايا، ننظر ونشاهد فقط، ولكنها مرايا متعاكسة تشعرنا بألإتصال.
لم نلمس تسارع العولمة كمابينها كورونا الذى إنتشر متسللا بصمت رابطا الملايين قافزا فوق الحدود والحواجز، فأعادنا إلى الواقع.
هذه هي العولمة في أعلى درجاتها. نحن على مركب واحد ومصيرنا واحد . جسم مترابط مهما إختلفت أعضاؤه بعضها عن بعض.
جاء كورونا ليعيدنا إلى الذات كي نواجه أنفسنا بعد أن بدا أننا سادة الكون بلا منازع. فهو يصيب الناس بداء العزلة والتشرذم وقد يتسبب بألإحباط والكآبة.
يعيد كورونا صياغة العادات الثقافية، بحيث أصبح السلام بدون عناق و تصافح والوداع كذلك. أدخل سلوكيات جديدة في كافة المجتمعات للحد من إنتشاره وقطع السلسلة.
في العالم العربي الذي لا يستفيد من الدروس، تراوحت ردود الفعل من حالة ألإنكار إلى الشعور بالخوف إلى فرضية المؤامرة كالعادة.
تحدى الوباء الثقة التي وضعناها في قدرة الطب الكلية لحمايتنا من مثل هذه ألأخطار، وبرز خلل كبير في المنظومات الصحية لبعض الدول رغم التطور ألإقتصادي.
تبين العجز والنقص في النظام الصحي الفرنسي الذي يعتبر ألأحسن في العالم.
عندما قررت العودة إلى الوطن وقطع كل عقود عملي كان أحد ألإخوة يقول لي متعجبا، تغادر فرنسا ونظامها الصحي المتطور...! ماذا لو إحتجت لعلاج صحي وأنت تعرف وضعية نظامنا الصحي ؟ هاتفته قبل يومين فبادرنى قائلا أحمد الله أنك لست هنا.
بدأت دول عديدة ونحن في موريتانيا من بينها بإتخاذ التدابير أللازمة عن طريق حزمة من ألإجراءات لمساعدة ألإقتصاد من ناحية ولمساعدة ألأسر ألأكثر إحتياجا وأصحاب الدخول المحدودة والفئات الهشة بصفة عامة....
يعتقد كثيرون أن تحولات في ألأنظمة السياسة وألإقتصادية قادمة لامحالة.
أما نحن في موريتانيا فنحتاج أولا وقبل كل شيء إلى :
- وضع إستراتيجية وطنية للصحة الوقائية.
- ووضع إستراتيجية وطنية للزراعة وألإكتفاء الذاتي في مجال الخضروات والحبوب. فلا أمن ولا أمان لمجتمع يأكل ما لا يزرع .
- وآخيرا إحياء منظومة ألقيم ألأخلاقية فى المجتمع وإخضاع الماديات للإنسان وليس العكس.
الدكتور المصطفى أفاتي