ذكرت صحيفة "بوليتيكو"، الأحد، أنه مع توسيع مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية وجودها في البلدان الأفريقية، تستخدم إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، استراتيجية ثمينة، وهي مشاركة المعلومات الاستخباراتية الحساسة مع الحلفاء في إفريقيا في محاولة لثني الدول عن عقد شراكات مع هذه المجموعة.
واستخدمت الإدارة الأميركية هذا التكتيك بشكل متزايد، بما في ذلك في الأشهر التي سبقت الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن هذا التكتيك يخدم الوظيفة المزدوجة المتمثلة في تنبيه الحلفاء إلى التهديدات التي تلوح في الأفق، وإخطار الخصوم بأن الولايات المتحدة تعرف ما يفعلونه.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التكتيك يُستخدم حاليا ضمن حملة أوسع لمنع موسكو من الحصول على موطئ قدم اقتصادي وعسكري في دول إفريقية، بينها من عمل سابقا مع واشنطن، وفقا لمقابلات مع أربعة مسؤولين أميركيين على دراية بهذا الأمر.
وبحسب الصحيفة، شارك المسؤولون الأميركيون، في الأشهر القليلة الماضية، في محادثات مع مسؤولين في جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ورواندا وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية لتبادل المعلومات الاستخباراتية الأميركية المتعلقة بفاغنر.
وذكرت الصحيفة أن الكرملين يتمتع بعلاقات قوية مع دول أخرى في أفريقيا مثل ليبيا والسودان ومالي بسبب توسع عمليات فاغنر هناك.
ويشمل عمل فاغنر، بحسب "بوليتيكو"، تأمين المواقع المعدنية والنفطية الهامة في إفريقيا بالإضافة إلى حماية المسؤولين الحكوميين.
وقال المسؤولون الأميركيون للصحيفة إن وجود فاغنر في تلك البلدان دفع كبار المسؤولين في إدارة بايدن إلى صياغة خارطة طريق جديدة لإخراج المجموعة من المنطقة.
ويقول مسؤولو إدارة بايدن، بحسب الصحيفة، إن روسيا تستخدم فاغنر كوكيل لإبرام الصفقات والمساعدة في تحقيق تقدم نيابة عن الكرملين.
ويسلط هذا التكتيك الضوء على الدرجة التي تعتقد بها إدارة بايدن أن فاغنر والكرملين يشكلان تهديدًا طويل الأمد لمصالح الولايات المتحدة في القارة.
وشاركت الولايات المتحدة، في الأشهر الأخيرة، وفقا لما ذكرته الصحيفة، معلومات استخباراتية تتعلق بخطة فاغنر المزعومة لاغتيال رئيس تشاد، وكذلك محاولاتها للوصول إلى مواقع استخراج الموارد الطبيعية الرئيسية والسيطرة عليها في دول أخرى مثل السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، من بين أمور أخرى.
كما أوضحت أن الدبلوماسيين الأميركيين ضغطوا على المسؤولين في بعض تلك البلدان لتجنب العمل مع فاغنر أو للمساعدة في إقناع الدول المجاورة الأخرى بوقف التفاعل مع المجموعة الروسية.
وتستخدم الإدارة الأميركية، بحسب الصحيفة، استراتيجية مشاركة المعلومات الاستخباراتية أيضا كطريقة لتسليط الضوء على مدى تأثير وجود فاغنر في بعض البلدان على الأعمال التجارية، وعدم قدرتها على استعادة الأمن هناك.
وترى الصحيفة أنه إذا نُظر إلى فاغنر على أنها تُعطل تدفق التجارة والاستثمار، فقد يؤدي ذلك إلى إحداث شرخ بين موسكو وبكين، أحد أكبر المستثمرين في إفريقيا منذ فترة طويلة، موضحة أن هذا التحالف تعزز فقط في الأشهر الأخيرة ولا يزال يثير قلق واشنطن.
وحثت واشنطن المسؤولين في البلدان الأفريقية على عدم الشراكة مع فاغنر، ليس فقط بسبب المخاوف الأمنية طويلة الأجل المحتملة التي قد تمثلها للولايات المتحدة، لكن أيضًا بسبب التأثير الذي يمكن أن تحدثه تصرفات المجموعة شبه العسكرية في إفريقيا على ساحة المعركة في أوكرانيا، وفقا للصحيفة.
ويخشى المسؤولون الأميركيون، بحسب الصحيفة، من احتمال أن تستخدم فاغنر الأرباح التي تجنيها من امتيازات التعدين وعقود العمل الأخرى في إفريقيا لمساعدة جهود الحرب الروسية.
ونقلت الصحيفة عن بعض الخبراء قولهم إن وصول فاغنر إلى المعادن وقدرتها على تصديرها إلى السوق مبالغ فيه، وإن أرباحها هامشية ومن غير المحتمل أن يكون لها تأثير على ساحة المعركة في أوكرانيا.
لكنها أوضحت أن المسؤولين الأميركيين جمعوا في الأسابيع الأخيرة معلومات استخبارية محددة تتعلق بمحاولات فاغنر استخدام علاقاتها الدولية، بما في ذلك تلك الموجودة في إفريقيا، للمساعدة في دعم قتالها في أوكرانيا.
وذكرت "بوليتيكو" أنه، في فبراير الماضي، التقى موظفو فاغنر مع جهات اتصال تركية لشراء أسلحة ومعدات من تركيا لدعم عمليات فاغنر في مالي وأوكرانيا، وفقًا لتقرير استخباراتي أميركي تم تسريبه مؤخرا.
وتقول الوثيقة إن الولايات المتحدة جمعت معلومات استخباراتية تُظهر أن الرئيس الانتقالي في مالي قد فكر أيضًا في الحصول على أسلحة من تركيا نيابة عن فاغنر.
ورفض مكتب مدير المخابرات الوطنية ووكالة المخابرات المركزية ومجلس الأمن القومي التعليق على تقرير بوليتيكو، وفقا للصحيفة.
ولفتت "بوليتيكو" إلى أن ممثلي الدول التي تشاركت الولايات المتحدة معها معلومات استخبارات فاغنر لم يستجيبوا لطلبات التعليق.
كذلك لم يستجب المسؤولون الروس لطلب بوليتيكو للتعليق على علاقة فاغنر بالدولة أو أنشطتها في إفريقيا.
كما رفض ممثلو مالي وتركيا التعليق على الوثائق.