شرعت زكاة الفِطر في السنة الثانية من الهجرة مع فرض صيام رمضان، فقد روى الجماعة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان، صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين.
كما روى أبو داود وابن ماجه أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهْرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
أما إخراجها نقدا فقد اختلف أهل العلم فيه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه لا يجوز إخراجها نقداً، وهذا مذهب المالكية، والشافعية، الحنابلة (وإن كانت بعض الآراء في هذه المذاهب تقول بالجواز) .
القول الثاني: أنه يجوز إخراجها نقداً، وأجازه بعض الصحابة منهم عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وعبد اللـه بن مسعود وعبد اللـه بن عباس ومعاذ بن جبل ومعاوية رضي الله عنهم جميعا.
ومن التابعين عمر بن عبدالعزيز والحسن البصري وطاووس بن كيسان وسفيان الثوري وغيرهم وهذا مذهب الحنفية، ووجه في مذهب الشافعي، ورواية في مذهب أحمد.
القول الثالث :جواز إخراجها نقدا إما على الإطلاق وهو مذهب الأحناف والبخاري وقول عمر بن عبدالعزيز والحسن البصري وغيرهم أو مع التقييد بالحاجة وهو رواية عند الحنابلة اختارها ابن تيمية .
ويمكن أن يضاف إلى هذه ألأقوال قول رابع وهو ما أفتت به المجامع الفقهية بجواز إخراج القيمة.
ومع هذا الاختلاف، الذى يعد في صميم الاختلاف المعتبر ، بين العلماء حول المسألة، يكثر الحديث في شهر رمضان حول إجزاء إخراج زكاة الفطر قيمة، لأن بعض المعترضين يرون عدم إجزاء إخراج القيمة، ومن يسمع هذا الرأي ربما يظن أن القول بإخراج القيمة من الأقوال المعاصرة الحديثة وأن المسألة لم تطرح في عهد الصحابة ولا التابعين ولم يقل بها جمع من علماء السلف فضلا عن جمع غفير من علماء العصر.
فهناك آراء نسبت لبعض الصحابة أو فهمت من منهجهم تجيز إخراج الزكاة قيمة.
وممن قال بالقيمة أيضا أبو عمر الأوزاعي والإمام أبو حنيفة والإمام البخاري ويفهم هذا أيضا مما روي عن بعض أئمة المالكية مثل ابن حبيب وأصبغ وابن وهب.
ومن القائلين بها كذلك شمس الدين الرملي من الشافعية وهو قول عن الإمام أحمد بن حنبل. .
وذهب ابن تيمية إلى موقف وسط فربطها بالمصلحة بحيث إذا كانت مصلحة المستفيد في القيمة تعطى له وإذا كانت مصلحته في الحبوب أعطيت له وهذا أيضا رأي الإمام الشوكاني.
وإلى هذا المعنى ذهب أيضا الشيخ الصاوي: "الأظهر الإجزاء لأنّه يسهل بالعين سدّ خلّته في ذلك اليوم".
أما في العصر الحديث فقد قال عدد من العلماء بالقيمة منهم الشيخ أحمد بن الصديق الغماري الذي ألف كتابا حول الموضوع تحت عنون :"تحقيق الآمال في إخراج زكاة الفطر بالمال" رد فيه على المعترضين وكذلك الشيخ يوسف القرضاوي الذي تعرض للمسألة في كتابه "فقه الزكاة" وفي بعض الفتاوى.
وعموما فالمعاصرون الذين قالوا بجواز القيمة كثر، أفرادا وهيئات مثل: الإمام بداه البوصيري والشيخ عبد الله بن بيه والشيخ مصطفى الزرقا والدكتور عبد الوهاب أبو سليمان والشيخ حسام الدين عفانه والدكتور على القره داغي والشيخ على جمعة وغيرهم.
وأفتى بالقيمة أيضا الشيخ عبد الله المطلق والشيخ قيس آل مبارك وهما من أعضاء هيئة كبار العلماء في السعودية التي كانت الفتوى عندها بعدم جواز إخراج القيمة.
المقصد الشرعي والمصلحة:
لعل القائلين بعدم جواز إخراج القيمة لم ينظروا إلى مقصد الشارع في مراعاة مصلحة المستفيدين تمسكا منهم بظواهر النصوص على سبيل الاحتياط مع أنهم قبلوا إخراجها من القوت غير المنصوص، فقبلوا القياس في الطعام ولم يقبلوه في النقود، بينما ذهب بعض أهل العلم إلى أن المسألة ليست تعبدية محضة غير معللة.
ومن المعاصرين الذين فصلوا في مسألة المصلحة الدكتور راتب النابلسي إذ يقول:
لو حللنا ما الذي حمل بعض الفقهاء على أن يقول اجعلوا صدقة الفطر طعاماً وما الذي جعل بعض الفقهاء على أن يقول اجعلوا صدقة الفطر مالاً، قال: إن كثيراً من الفقهاء يرون أن تخرج زكاة الفطر من قوت البلد غير المنصوص عنه في الحديث، أي هذا البلد يأكل الرز، لنا إخوان أفارقة جزاهم الله خيراً طعامهم الأول هو الرز، إن لم يأكلوا الرز كأنهم لم يأكلوا شيئاً، فالحديث قمح لم يذكر الرز في الحديث، لكن الحديث قال: طعمة، معناها طعام أهل البلد، قال: فإذا تغير القوت جاز أن يخرج من القوت الموجود كالأرز أو القمح أو أي قوت ينتشر في بلد من البلدان، وإذا جاز إخراجها من قوت البلد حتى ولو لم يكن منصوصاً عليه ولا وارد في السنة فمن باب أولى أن تخرج من الدراهم لأنها قد تكون أفضل من القوت لكثير من الناس، وهذا منهم من فهم هذا الفهم عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
ورد في صفحة الشيخ الدكتور محمدن حمينه: لمن يسأل عن مذهب المالكية في زكاة الفطر:
- المالكيةُ وإن نُسب إليهم القولُ بإخراج الطعام في زكاة الفطر في العصور الماضية، إلا أنهم لو عاشوا زمانَنا لما ترددوا في القول بإخراجها نقودًا؛ لأن الفقيرَ فيما مضى كانت حاجتُه إلى الطعام أكثرَ، فالمناط كان واحدًا؛ أما اليوم فقد تغير المناط؛ لعموم نفع النقد للفقير، واندفاع حاجته به دون الطعام، وليُسرِ إخراج النقود على المزكي.
- وبالإضافة إلى ذلك فقد نص كثيرٌ من أهل المذهب على جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر وغيرها، كابن القاسم في العتبية، وأشهب، وأصبغ، وابن أبي حازمٍ، وابن دينارٍ، ونص المتأخرون كالنفراوي والصاوي، على إجزاء إخراج العين عن الحب، وجعلوه مشهور المذهب، وقد جرى العمل بذلك في بلادنا ومعظم بلاد المسلمين منذ عقودٍ من غير نكيرٍ، وهو دليلٌ على تغير مناط الحكم فيها، وما جرى به العملُ من إخراج النقد مقدَّمٌ على المشهور من إخراجها طعامًا عندهم.
على أن تحقيق المناط لا يَلزم في فاعله أن يكون مجتهدا، بل يقع من المقلدين.
- وأما نسبةُ القول إليهم بإخراج الطعام دون نظرٍ في تحقيق المناط من إخراجها فبعيدٌ عن عمل الفقهاء وصنعة الفقه؛ لما فيه من
1- إلغاء المقصَد الشرعيِّ حيث لا تندفع حاجة الفقير بالطعام.
2- عدم اعتبار المآلات الشرعية، حيث إن الفقيرَ يبيع الحبوبَ ليحصل على النقد،
3- إهدار المصلحةِ الشرعية الراجحة وهي إخراجها نقودًا في مقابل الحفاظ على مصلحةٍ مرجوحةٍ وهي إخراجُها طعاما؛ ولذا نص الفقهاءُ على أنه حيثما وُجدتِ المصلحةُ فثَمَّ شرعُ الله.
- وقد نص الإمام القرافي أن الجمودَ على المنقولات ضلالٌ في الدين، وجهلٌ بمقاصد المسلمين، والسلفِ الماضين.(1)
القيمة. راجحة بالقياس :
قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: (خذ الحَبَّ من الحَبِّ، والشاة من الغنم، والبعير من الإبل، والبقر من البقر) وهو صريح في دفع الأعيان، لكن معاذاً رضي الله عنه فهم قصد الزكاة، ولم يتعامل مع النص على أنه تعبدي غير معلل فقال لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس {أنواع من الأقمشة} في الصدقة مكان الشعير والذرة؛ فإنه أهون عليكم وأنفع لمن بالمدينة، وقد أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولئن جاز في الزكاة وهى الأعلى جاز من باب أولى في زكاة الفطر وهي الأدنى (2)
فتاوى دور الإفتاء
أعلنت عدة دول قيمة زكاة الفطر لعام 1440 هجريا ،2019 ميلادي.
ففي مصر أعلن مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام ،قيمة زكاة الفطر بحد ادنى 13 جنيها ،
وفي جمهورية السودان أعلن مجمع الفقه الإسلامي أن زكاة الفطر لهذا العالم (60) جنيها،
وفى دولة فلسطين أصدر مجلس الإفتاء الأعلى جواز إخراج زكاة الفطر نقداً، وهي:( تسعة شواكل، أو ما يعادلها بالعملات الأخرى)، تيسيراً على الدافع والآخذ، ومن شاء أن يزيد تطوعاً فهو خير له.
كما أعلنت المملكة الأردنية الهاشمية من خلال مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية قيمة زكاة الفطر وقدرت بـ (180قرشاً)، فتكون هي زكاة الفطر الواجبة، ومن أراد الزيادة فله الأجر والثواب،
وفى اليمن حددت قيمة زكاةة الفطر ب 500 دينار، وفى ليبيا 5 دينارات، وسوريا حدها ااأدنى 500 ليرة، وفى تركيا 13 ليرة تركى، (3)
فتوى مجلس الإفتاء الأوروبي
فتوى 138 (5/25) إخراج زكاة الفطر قيمة السؤال: ما هو حكم إخراج زكاة الفطر بالقيمة؟ الجواب: قد اختلف فيه الفقهاء قديمًا وحديثًا، ولكن الراجح هو جواز دفع القيمة ما دامت القيمة أنفع للفقراء، وعلى هذا مجموعة من الأدلة المعتبرة ذكرها القائلون به، وتقويه مقاصد الشريعة العامة والخاصة بصدقة الفطر، وقد صدر بجواز دفع القيمة في صدقة الفطر قرار من المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وهو القرار رقم 91 (4/23)، مع التأكيد على ضرورة مراعاة تغير الأسعار حسب اختلاف الزمان والمكان، كما صدرت بذلك أيضًا فتوى جماعية من الندوة السادسة لقضايا الزكاة المعاصرة التي عقدت في الشارقة عام 1996م.
فتوى الهيئة العلمية في المغرب
فتوى حول مسألة إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقداجوابا عن سؤال ورد على الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء من الكتابة العامة للمجلس العلمي الأعلى بتاريخ 21 رمضان 1431هـ موافق فاتح شتنبر 2010م صدرت عن الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء لدى المجلس العلني الأعلى فتوى في مسألة إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقدا. وفيما
ورد في هذه الفتوى:
خلاصة الرأي الفقهي في مسألة إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقدا
من خلالِ ما تقدم من نصوص السنة النبوية في تشريع زكاة الفطر، وبيان أحكامها وحكمتها، ومن الآراء الفقهية حول مسألة إخراجها بالقيمة نقدا، فإِن الرأي الفقهي الذي انتهت إليه الهيأة في ضوء كل ذلك يتبلور فيما يلي:
أولا: الأصل في إخراج زكاة الفطر أن يكون بمكيلة الصاع (أربعة أمداد، أي حفنات) من أحد أنواع الأطعمة المقتاتة،
من حبوب الزرع أو الدقيق أو التمر، أو غيرها مما ذكر في الحديث، أو بما يعادل الصاع منها وزنا، وهو: حوالي (2.500 كلغ)، مما يقتاته ويعيش به غالب أهل البلد الذي يقطنه الصائم، أو يقتاته هو مع أهله حسب مستطاعه ومقدوره.
وذلك لكونها عبادة وقربة إلى الله تعالى، نص الشارع الحكيم على كيفية أدائها والقيام بها، مما يقتضي الحفاظ على شعيرتها بارزة وظاهرة في المجتمع، كما شرعت، فيحصل الجمع بين ما تدل عليه نصوص السنة من كيفية إخراجها، والحكمة الشرعية من إيجابها.
وإخراجُها على هذا الأصل الذي شرعت عليه هو الواجب المطلوب والمتأكد أولاً، والأفضلُ، والأولى والأكمل، في حق كل من أمكنه ذلك وتيسر له، أخذا بالاعتبارات السالفة.
ثانيا: وفي المقام الثاني يأتي الرأي الذي يقول بجواز إخراجها بالقيمة نقدا
لمن رأَى ذلك أسهل عليه وأيسر له في أدائها، وأفيد وأنفع للآخذ المنتفع بها من فقير ومسكين، فيجوز له حينئذ إخراجها بالقيمة نقدا.
وذلك كحالِ من تعذر عليه إخراجها كما شُرعت من حبوب الزرع والدقيق والتمر ونحوها مما ذكر في الحديث لسبب ما، أو لوجوده في بلد غير وطنه الأصلي، ولا يوجد فيه من يستحقها من فقراء المسلمين وضعافهم، وكحال ما إذا اقتضى نظر ولي أمر الأمة وإمامها الأعظم إخراج قيمتها نقدا، لمصلحة وطنية تكافلية، أو قضية تضامنية إسلامية، فإنها تجوز باتفاق، لما تحققه بذلك من مصلحة عامة للوطن والدين.
إضافة إلى أَن هذا الرأي القائل بجواز إخراج زكاة الفطر بقيمتها النقدية، استنادا إلى حكمة مشروعيتها من إغناء الفقير والمسكين، واستنباطا من نصوص بعض الأحاديث الواردة في زكاة الأموال بصفة عامة، يدخل في باب الأخذ بمبدأ اليسر ورفع الحرج عن الناس في بعض الأمور والأحوال التي تقتضيه، باعتباره أصلا متأصلا في دين الإسلام وشريعته السمحة، بنص القرآن الكريم والسنة النبوية، وفيه يقول الله تعالى: »يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر«، ويقول سبحانه: »وما جعل عليكم في الدين من حرج«، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: »يسروا ولا تعسروا«.
وعليه، فيجوز على هذا الرأي إخراجها بالقيمة نقدا.
والله أعلم وأحكم، وهو سبحانه من وراء القصد، والهادي إلى كل رشاد وأقوم سبيل. (4)
فتوى لجنة الفتوى في الجزاذئر
فصلت لجنة الفتوى, في بيان لها في قضية إخراج زكاة الفطر نقدا أو طعاما, بعد استفتائها في المسألة من طرف مواطنين.
وقالت لجنة الفتوى، في ردها على سؤال يتعلق بحكم دفع زكاة الفطر نقدا, أنه فيه أقوال للعلماء، في المسألة منهم من منع إخراج زكاة الفطر نقدا وأوجبها طعاما. ومنهم من أجاز إخراجها نقدا, مضيفة أن الذي تؤيده ظواهر النصوص الشرعية ومقاصد الشريعة الإسلامية هو جواز إخراج الزكاة نقدا.
واستدلت اللجنة بقول, مروي عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب والصحابي الجليل معاذ بن جبل أعلم الأمة بالحلال والحرام. وهو قول عمر بن عبد العزيز وبه أخذ أبو حنيفة وسفيان الثوري ورواية عن مالك. وهو مذهب الإمام البخاري صاحب الصحيح، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وبناء عليه يجوز لك أن تخرج زكاة فطرك نقدا وتجزؤك إن شاء الله”. (5)
الخلاصة
من خلال ما قرأت من بحوث المعاصرين ومن خلال المشاهدات يمكن تلخيص بعض حجج المجيزين لإخراج القيمة في النقاط التالية:
- أن الخلاف في المسألة قديم ومعتبر
- أن جمعا من الصحابة والتابعين قالوا بجواز إخراج قيمة زكاة الفطرة
- أنه لا بد من مراعاة المصلحة ومقاصد الشارع على ضوء تغير ظروف العصر وتجدد حاجات الناس وتعقيدها
- أن إغناء الفقراء اليوم ليس بالحبوب بل بالنقود في الأغلب
- أنه لم يرد نص يحرم إعطاء قيمة الزكاة
- أن المسألة في النهاية مسالة خلافية فمن قلد القائلين بإخراج الحبوب فقد اتبع السنة ومن أداها قيمة مقلدا لعالم تغليبا لمصلحة الفقير فلا يلام على ذلك ولا يقال إنها لا تجزؤه.
- أن الأكمل النظر إلى مصلحة الفقير فإن كانت الحبوب أو تحقق مصلحته أعطيت له وإن كانت النقود أبلغ في تحقيق مصلحته أعطيت له وهذا هو الجمع بين المذهبين الذي اختاره ابن تيمية ورآه بعض المعاصرين. ويتأكد هذا الأمر إذا ما علمنا أن بعض المستفيدين من زكاة الفطر يبيعون ما حصلوا عليه من أرز أو نحوه بأقل من سعره رغبة في الحصول على النقد.
- أن إخراج. زكاة الفطر من الطعام في بعض البلدان خاصة الغنية مثل أروبا غير عملي لأنه لا أحد هناك يحتاج الطعام حسبما يذكر المسلمون الذين يعيشون في تلك البلاد وبناء عليه فلا مناص من إخراج النقود.
- أن هذه المسألة ليست تعبدية محضة لا يجوز الخروج عليها بل هي من الأمور المصلحية التي تقبل الاجتهاد والتأمل فيما هو اصلح للمحتاج، خاصة أن مصلحة وجوب العين قد يعارضها أحيانا في القيمة من المصلحة الراجحة ، وفي العين من المشقة المنتفية شرعا.
- لعل العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث "كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب" هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر ،حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ، فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم.
{ فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر ، وقال : أغنوهم في هذا اليوم }
لذلك على الجميع مراعاة مقصد الشارع بتغليب المصلحة – مصلحة الفقير والظاهر أن إخراج قيمة زكاة الفطر أقرب اليوم إلى تحقيق مصلحة الفقير.
والعلماء المعاصرون ذهبوا إلى مقتضى المصلحة بعدما رأوا أن الفقير حاجته إلى النقد اليوم أكثر من حاجته إلى الحبوب.
ولذلك فإن العدل يقتضي أن نسلم بأن هذه مسألة خلافية، والاختلاف فيها معتبر.
وليس من العدل القول بعدم إجزاء القيمة بعد أن قال بها هذا العدد من الصحابة والتابعين وعلماء الأمة سلفا وخلفا وصدرت به فتاوى كثير من الجامع الفقهية المعاصرة الوطنية والدولية واتضحت المصلحة فيها في هذا العصر وهي راجحة بالقياس وبالمقاصد الشرعية كما ذهب إلى ذلك بعض أهل العلم، أما عدم إجزاء القيمة فيحتاج من يقول به اليوم إلى أن يعيش عصره.
والله تعالى أعلم
الهادي بن محمد المختار النحوي
اللهم ارفع عنا البلاء والوباء
رب اغفر لي ولوالدي ولوالديهم ولجميع المسلمين.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
——---
(1) تدوينة من صفحة الشيخ د. محمدن حمينه
(2) إخراجُ زكاة الفطر نقداً.. رُباعية الدِلالات والترجيح، الجزيرة نت 20/4/2022، د. خالد حنفي، الكلية الأوروبية للعلوم الإنسانية، ورئيس لجنة الفتوى بألمانيا
(3) اليوم السابع المصري: الخميس، 16 مايو 2019
(4) موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
(5) الجزائر اليوم 15 إبريل 2022