إلى المغاضبين من الحزب الحاكم 

 

أظهرت الترشيحات الأولية لحزب "الإنصاف"  بعض المواقف التي كانت مستورة و مخفية عن "المعارضين" و بقية المواطنين؛ حيث صرّح كثير ممن تم "إقصاؤهم" من الترشيحات  من الأفراد  و القبائل و الأحلاف و التكتلات السياسية بما لم يتعوّدوا عليه من خطابات رنّانة تمجّد "الدولة" و رئيسها و حزبها الحاكم ! حيث بدأوا -و ربما لأول مرة في حياتهم - بنقد الحزب الحاكم و اتهامه و اتهام قيادته و بعثاته بترشيح أقلية لا تمثل المنتسبين و لا تعبّر عن مكونات الحزب و جماهيرهم الغفيرة !! 

و قد اختلفت ردود فعل هؤلاء: 

- فمنهم من اعتذر عن قبول الترشيح (في منصب متأخر في اللائحة)؛ حيث لن يتم انتخابه مطلقا! 

- ومنهم من استقال من  الحزب، و يسعى للترشح عن طريق حزب من أحزاب الاغلبية الداعمة للرئيس؛ كي لا يغضب منه صاحب الفخامة !

- ومنهم من "توعّد الحزب و مرشحيه" بهزيمة نكراء،  ومِنهم و مِنهم  …

و يبدو أن السلطة غير راضية عن بعض ردود الأفعال؛ حيث ورد استدعاء "القصر الرمادي " لشخصيات تم إقصاؤها و تعهّد  بعض"داعميها" بتمويل  أحزاب ٍ منافسةٍ للحزب الحاكم ! 

 

إن ما نشهده اليوم من غضب و نقمة على الحزب  الحاكم  -الذي  أُسّسَ  على غير التقوى  وعلى غير مصلحة الوطن - ليس أمرًا خالصا لوجه الله و لا حُبا للوطن و مصلحته ، بل انتقاما لذات متضخمة من أفراد دأبوا على "تقاسم" الكعكة و "المشوي"  مع غيرهم ، و لما تم حرمانهم غضبوا و ثاروا  و زمجروا و هددوا و أبرقوا و أرعدوا.

 

إلى كل هولاء أقول لهم: إنكم تعانون اليوم -و بشكل مؤقت- مما يعاني منه معظم المواطنين في كل الأوقات و بشكل دائم؛ حيث حُرموا  من  حقهم في الوظيفة و الاختيار الحرّ لمن يمثلهم و يجبي الضرائب  منهم، و يبني القصور ، و يشتري السيارات الفارهة،  و يُرسل أبناءه  للدراسة في الخارج من أموالهم،  و يسرق ثرواتهم!! 

 

و بالنسبة للذين تم ترشيحهم من "زملائكم" -سواء تم التجديد لهم أم من القادمين الجدد-فإن الجميع يعلم أنهم لم يُرشحوا و لم يترشحوا من أجل تحقيق أي مصلحة عامة للشعب ، فلا ارتفاع الأسعار يهمهم، و لا الطرق من صميم اهتمامهم، أما الصحة و التعليم و التنمية فتلك"أحلام الضعفاء"! 

 

حلم معظم هؤلاء الذين أخذوا "أماكنكم"  هو أن ينتقلوا من أحياء فقيرة إلى أخرى غنية ، و أن يركبوا سيارات فارهة ، و أن يزيدوا  مالهم الحرام ، و أن يبقوا في "دائرة الضوء" و التأثير من أجل مصالح ضيقة يتقاطعون فيها مع آخرين يستخدمونهم و "يحكمون  بهم" من أجل تبديد ثروات الشعب و تكميم أفواهه!! 

 

و أتحدى معظم " المغاضبين" أن يُعطونا بعض إنجازاتهم خلال المأمورية السابقة ، أو موقفا واحدا مشرّفا لصالح الوطن ومخالفا لحزبهم ،و كذلك الأمر بالنسبة لمُعظم مّن تم تجديد الثقة فيهم . أما "المرشحون الجدد" فالسؤال موجّه لهم -كذلك-و لكن يجب  انتظار الإجابة عنه بعدأربع سنوات!! و غالبُ الظن أنهم "لن يخيبوا ظني" فيهم ، و لن يختلفوا عن من سبقهم- إلا من رحم ربك ، و قليل ما هم —! 

 

لقد سبّبت ترشيحات الحزب الحاكم خيبةَ أمل و ذلاًّ و إهانة لبعض "المحرومين"،و هي أمور سببتها و تسببها سياسات حزبهم وحكومتهم -التي دعموها-  لآلاف العاطلين عن العمل من حَملَة  الشهادات و مِن المرضى المحرومين من العلاج ، و مِن ضحايا حوادث السير والأخطاء  الطبية و الأدوية المزوّرة و ضعف خدمات التعليم و البنية التحتية، و مِن الشباب الفارّ من وطنه إلى أدغال افريقيا و غابات الأمازون وجدار المكسيك ! و هم الآن يشربون  من نفس الكأس التي سقوا بها غيرهم؛ فهنئيا مريئا !! 

 

و لكل هؤلاء  المغاضبين أقول : أدعوكم إلى الإعلان عن  برامج انتخابية محددة و واضحة المعالم ، مختلفة عن برامج حزبكم "السابق" وإثبات أهليتكم للثقة من طرف الناخبين! و لا أدعوكم للانضمام ل"المعارَضة" غير المعارِضة ، والتي بات تحديد مفهومها و حقيقتها أبعد منالا من "إنصاف حزب الإنصاف" غير المُنصف !

 

ما ينبغي أن يعلمه الجميع هو أن الوطن للجميع ، و لا ينبغي أن يبقى رهينة لتحالفات سياسية مبنية على مصالح ضيقة تتقاسم فيها "الأطراف القوية" كامل الكعكة، فتحرم الضعفاء و الأقليات العرقية و القبلية و الحزبية ، و تكمّم أفواه المنتقِدين، و تحاصر الشباب والمعارِضين، و تمنع الشعب من اختيار مَن يُمثله في البرلمان و مَن يُسيّرُ شؤونه المحلية. و إذا بقيت الأمور تُدارُ بنفس  الطريقة فإن لذلكعواقب وخيمة على مستقبل البلد و استقراره!! 

 

و ختاما: فإنه ينبغي التساؤل عما إذا كانت موجة الغضب الحالية ستساهم في "تقليم أظافر " الحزب الحاكم  وتقليل نفوذه و تغييره لمساره  و تجديد الطبقة السياسية و لو بشكل محدود ؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه سحابة صيف و انتصارا ل"الأنا" المتضخم عند البعض وغضباً من أجل الحرمان من "مشوي" المناصب و الصفقات و الامتيازات التي يحتكرها الحزب الحاكم و حكومته ، و يمنحانها ل"من يسيرون في فلكهما من غير المغاضبين  و لا المغضوب عليهم"؟!

 

ثلاثاء, 21/03/2023 - 13:30