بالأمس شكل فائض أعداد الشخوص وتداخل سحنات الوجوه التي حضرت بمسجد " بن عباس" للصلاة على المرحوم الصوفي ولد الشين لوحة وطنية بديعة
ومعبرة وهي رسالة مهمة باقية ومطمئنة .
لقد كانت لحظة تعانق أخوي والتحام جماعي عاطفي ، لذلك فهي جد مبشرة لما يستقبل من تاريخ البلد .
رحل الصوفي وقد سجل إسمه في سفر الخالدين ضمن الرموز الوطنية الجامعة وهو امتياز ضنين و عزيز مطلب إذ مهره بذل الدم و التضحية وهو قصر على أصحاب الهمم العالية و حملة القضايا العادلة .
و بسكينة وحزن تزاحمت تلك الحشود انتصارا لما تراه مظلومية شخصية وتقديرا لطرح ذي مقبولية كما كان استشعارا
لخطرما و حتى دفاعا عن الذات .
مضى الصوفي إلى ربه ليجيب عن أسئلة هناك و حيث تستوفى الحقوق كاملة عند الملك العادل لكنه خلفنا وراءه للإجابة على أسئلة من طبيعة أخرى و لنواجه استحقاقات ملحة و جوهرية .
إنها أسئلة في الصميم حول طبيعة العلاقة بين السلطة و المواطن و حول قضية المواءمة بين الدولة و المجتمع .
إنها الأسئلة الفلسفية الأولى حول مقصد الدولة نفسها من حيث ما إن كانت دولة "خادمة" للمجتمع ابتداء ، أي دولة مرافق عمومية أم أنها في المقام الأول دولة "حارسة " تحتكر القوة و ممارسة العنف المشروع ؟
ثم ما ذا ينبغي أن تكون عليه حدود تلك الممارسة في تنزلاتها و اشتراطاتها وضروراتها ؟
مع واجب التنويه الأساسي إلى الخيط الرفيع و الجوهري الفاصل بين ضرورة خضوع الجميع وعلى كل المستويات للقانون و للمراقبة وللمساءلة مع واجب الحفاظ على هيبة و سلطة الدولة وأجهزتها و رموزها لأن في ذلك مناط صلاح حال المجتمع وتحقيق السلم الأهلي الضروري لقيام العمران و لأن أي إضعاف لمكانة الدولة أو أي من امتداداتها في النفوس هو إيذان بالفوضى والهلاك .