منذ سنوات بدأنا نسمع فى الإعلام و المسرح السياسي،و بصورة مستمرة،عن خطاب شرائحي صرف،يندى له الجبين،و يدل على تدنى الذائقة السياسية لدى البعض.
"ميثاق لحراطين" "حراك لمعلمين"!.
هذا إلى جانب خطاب "ايرا" العنصري المفرق!.
لقد أدمن عدد من متحدثى هذه الشريحة على هذا الأسلوب،المكرس للخطاب الشرائحي.
أما من حياء؟!.
إن الحديث الصريح، باسم شريحة معينة،لحراطين،و وصف الدولة بأنها دولة البيظان و التحريض عليهم،و وصفهم بأشنع الأوصاف،يترجم عن ما وصل إليه البعض ، من انفصال عن المجتمع و كراهيته ضد جزء كبير منه،و لعل هذا الأسلوب الشرائحي الصرف، لا يخدم إطلاقا الصلات البينية، بين مكونات مجتمعنا،و قد يعرضه يوما ما، لأخطر الهزات و المخاطر،لا قدر الله.
إن بعض المدمنين على هذا الخطاب الشرائحي لا يرجى منهم،أي تعقل أو تراجع عن هذا الخط الشرائحي التقسيمي الفج،و إن اتجهوا إلى المنظمات الخارجية،الصهيونية الطابع أحيانا،فلن يجدوا، إلا المزيد من التشجيع و التحريض على لحمتنا الاجتماعية.
و فى نفس السياق نسمع عن "حراك لمعلمين"،ضمن نغمة أقل حدة ،تطالب بحقوق مدعاة لهؤلاء.
و فى هذا الجو، أضحى المجتمع مجرد شرائح متباعدة و متصارعة،حتى أن الزنوج ،بجميع شرائحهم،أصبحوا أكثر تجربة فى هذا الصدد و أقل حدة.
فهل حان للدولة أن تراجع هذه الوضعية، من الانقسام و الجرأة على هذا الأسلوب الشرائحي الممزق؟!.
إن الدولة مطالبة بعدم الترخيص لأي كيان عنصري،و منعه من دعوة الناس للتجمهر،أما فى الحقبة الماضية،فقد استغل ولد عبد العزيز عن قصد،منظمة ايرا المحظورة،و سهل ترشيح صاحبها،ضمن فبركة واضحة،لغرض فى نفس يعقوب.
و أما اليوم فقد وصلنا لقمة الهرم الشرائحي ،بدعوى مكافحة العبودية و النضال من أجل حقوق لحراطين و لمعلمين،و فى هذا المنحى ضاعت المواطنة و تصدعت الوحدة الوطنية بامتياز.
إن الدولة الموريتانية تجرم العبودية و تكرس قوانينها فرص المواطنة و المساواة بين جميع من يحمل بطاقة التعريف الوطنية،فما الحاجة إذن فى ركوب هذه الموجة،للاسترزاق و استغلال المظلومية أو معاناة مزمنة ،لم يبق فى الغالب إلا بعض آثارها؟!.
إن كل المجتمعات البشرية تعانى من تراكمات و عقد مزمنة،لكنها تتكيف مع تلك المعطيات و التحديات ، و لا تسمح لها غالبا، بالعصف بوحدة نسيجها.
و نحن فى موريتانيا مرجعيتنا الأولى الإسلام،و لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى و مكارم الأخلاق.فلا يمكن أن يتكبر أحد على أحد.
فلنتراحم و لنبحث لمشاكلنا و أزماتنا عن حلول مناسبة،بعيدا عن تكريس الشرائحية و الكراهية و التدابر.
قال رسول الله، عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم:" بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم".