لظروف خاصة لم أكن أطالع التواصل الإجتماعي (الفيسبوك ) إلا لماما .
غير أن قضية الشابين سدوم ومامه أصبحت قضية رأي عام و هي تتدحرج نحو صراع أجيال و تنازع نظرتين وفهمين وتطلعين لا يعرف أحد أين سيقود .
لا أريد أن يكون لي رأي شخصي في ذلك الموضوع بعينه .
لكن لسوء الحظ أولحسنه هذا زمان انتصار "الحرية الشخصية" على "النظرة المجتمعية" .
كما يقال أيضا أن الستر أحيانا في بعض الأمور أولى من الإفشاء .
لكن بيت القصيد هو في ما يمكن تناوله واستنتاجه بهذه المناسبة .
لا يمكن ولا ينبغي أن نخادع النفس بشأن بعض العوار والإشكالات المصيرية التي تعتري قضية الوحدة الوطنية والتي تنمو تحتها هويات فرعية ضارة .
ومن أهم البيئات الحاضنة لهذه الفرعيات المضرة هي ظاهرة الانغلاق المجتمعي الذاتي كما كوابح و سلاسل الدروب المتوازية المقيدة لصيرورة تفاعل وتلاقح المجتمع بإثنياته وشرائحه وفئاته و....
صحيح أن ظاهرة التمدن و درجة الحيازة لمتاح ثلاثيةالسلطة(Le Pouvoir) و المعرفة(Le Savoir ) والثروة(L' Avoir)
تعمل عملها بشكل مطرد ولا رجعة فيه من حيث كسر الحواجز وإعادة جدولة القيم لكنها دينامكية اجتماعية بطيئة لم تعد تنتظرها تطلعات وأشواق المساواة والتكافؤ.
وحتى و لو لم يقل أحد بذلك صراحة أو يكون موضوع مطالبة من أي طرف فمربط الفرس في المساواة اليوم هو شكل من إعادة توزيع الرأسمال الرمزي من نسب وتاريخ ومكانة اجتماعية.
وبصراحة فالزواج البيني أو المختلط هو أحد أهم "الميكانزمات" المطلوبة لذلك لأنه يخلق قدرا من التضامن والتكافؤ وناتجه من الذرية يجمع صاحبه بين إيوان كسرى ودين العرب وأكثر من ذلك يجنبنا دوخة الديموغرافيا بل إنه يمكن البلد بعد جيل أو جيلين من خلق "مركز توسط بشري" مفيد لنضج الديموقراطية و ضروري لترسخ مفهوم الدولة وقوة مؤسساتها.
صحيح أن هذا الأمر لا يفرض (ne se decrete pas) لأنه يدخل في صميم ممارسة الحرية و ما ينبغي أن يحترم للأفراد والأسر والمجتمعات .
لكن للدولة من القدرة من منظور إعادة توجيه المجتمع وترشيده وكذلك المؤسسات الأهلية المهتمة بالموضوع ما يسمح بالقيام بمبادرات كثيرة مؤثرة ومثمرة.
ومن ذلك انشاء جهة حكومية ما للوئام والوحدة الوطنية تكون معنية من بين أشياء كثيرة أخرى بتشجيع الزيجات المختلطة ، على سبيل المثال ، وذلك عن طريق رعاية حفلات جماعية تتبناها الدولة
و تتحمل بعضا من تكاليفها ويحضرها ممثلوها على أعلى مستوى في دائرة الاختصاص الجغرافي مع بعض الامتيازات الممكنة الأخرى كتخصيص سكن لمثل تلك الأسر فضلا عن الإعانات ورعاية أطفالها من حيث الصحة والتعليم .
ليس في مثل هذا فرض شيء على أحد بل هو تشجيع سياسة وطنية مطلوبة.
و الأكيد أن مثل هذا التدخل قد لا يصير مطلوبا أو محتاجا له بعد مدة من الزمن حينما تترسخ القيم الجديدة ويحصل التقبل وتستبين الفوائد.
من مسؤولية الدولة أن تضع بصمتها في توجيه حركية المجتمع وإنتاج قيم جديدة له بخلق قدر أكبر من التمازج والتلاقح والاحترام البيني المتبادل.
و من هنا ربما قد يمر مستقبل أفضل