ملاحظات على هامش التقرير السنوي (2021) للجنة الوطنية للمسابقات 

تمثل اللجنة الوطنية للمسابقات " سلطة إدارية مستقلة " ، وهي إحدى أهم المؤسسات الوطنية كونها تتكفل بالإعلان والتنظيم والإشراف على العديد من المسابقات الوطنية التي تفضي إلى اكتتاب العديد من الموظفين الموريتانيين في مختلف المجالات . مبدئيا يٌفْتَرَضٌ أن تجري هذه المسابقات في جو من الاستقلالية والفاعلية تحت إشراف مصادر بشرية مختارة بعناية من حيث الاستقامة وحسن الأداء . إن كل عملية اكتتاب تهدف إلى تلبية الحاجة من الموظفين ذوي الكفايات النوعية إلا أن الأساس في هذه العملية هو أن يتم اكتتاب الإنسان المناسب في المكان المناسب .ولتحقيق هذا الهدف فإن أي لجنة للمسابقات مطالبة بضمان سير عملية الاكتتاب في الآجال الزمنية المحددة وبشفافية تامة ،  بدء بالإعلان عن المسابقة وانتهاء بصدور نتائجها النهائية .وبالفعل فقد أبرز التقرير السنوي للجنة 2021م العديد من التدابير التي من شأنها تعزيز شفافية المسابقات التي تشرف عليها من قبيل الوعي بالتحديات و المشكلات ذات الصلة بتنظيم الرقابة وتزوير الشهادات وتفشي ظاهرة الغش وغير ذلك من المشكلات التي أشار إليها التقرير بكلوضوح . غير أن اللجنة الوطنية للمسابقات ما زالت تعاني من مشاكل هيكلية واختلالات تنظيمية تحجب أهميتها الحقيقية وتَحٌدٌ من قدرتها على القيام بالمسؤوليات والمهام الموكلة إليها في نطاق عمليات تنظيم المسابقات . هذه المشاكل الهيكلية والاختلالات التنظيمية نورد بعضها بشكل موجز على النحو التالي : 

 

 تنويع وتجديد المصادر البشرية للجنة : 

 

تعاني اللجنة الوطنية للمسابقات من نقص شديد في مصادرها البشرية حيث تكاد تقتصر على أعضاء اللجنة الذين لا يتجاوزون عدد أصابع اليد ، ولذلك فهي بحاجة إلى القيام بإدارة تنبؤية للوظائف التي تحتاجها وذلك في ضوء مجموع المعايير المتعلقة بمصادرها واحتياجاتها من حيث أعضائها ( أعضاء اللجنة ) وما يتصل بها من مهارات وكفايات مطلوبة . فمما لاشك فيه أن المصادر البشرية تلعب دورا مركزيا في انجاز مهام اللجنة ، ومن المهم أن يكون للجنة ما يكفي من المصادر البشرية التي لديها القدرات المعرفية والمهارات اللازمة لتحديث طرق وأساليب عملها الداخلية وضبط وتوجيه عمليات الاكتتاب التي تشرف على تنظيمها . فكلما كانت المصادر البشرية أكثر تنوعا واطلاعا  على أساليب تدبير  المسابقات كلما كانت موارد مٌنتِجِة وفعالة أكثر من كونها مجرد تَكْلٌفَة . فطبقا لأساسيات اقتصاد المعرفة ، الأفراد هم المبدعون والمالكون لتلك الموارد الإستراتيجية المتمثلة في المهارات والمعارف . لقد أصبح الرأسمال البشري يمتلك قيمة مضافة مقارنة بالرأسمال التقني والمالي . لأن الابتكار والإبداع والفاعلية التي تعتمد عليها المؤسسات هي من عمل الإنسان ونتاج لمهارات الأفراد الذين تقوم بتعبئتهم . ما يعني أن قدرتها التنافسية قد أصبحت تتوقف على جودة إدارتها لمصادرها البشرية كميا ونوعيا . هذه المصادرة تنطبق على كل الهيئات والمؤسسات واللجان . إن انكفاء اللجنة الوطنية للمسابقات على ذاتها وإدارتها طبقا لاعتبارات سياسية لا تأخذ بعين الاعتبار حاجة هذه اللجنة من المصادر البشرية المتخصصة والمٌكَوَنَة في مجال تنظيم المسابقات وإدارة المصادر البشرية سيبقيها متأخرة بل عاجزة عن الارتقاء إلى مستوى تطلعات الكثير من الموريتانيين الذين يطمحون للولوج عبر هذه اللجنة إلى  أحد أسلاك الوظيفة العمومية اليوم أو غدا . 

 

إصدار دليل للاكتتاب والمسابقات :

 

الهدف من هذا الدليل هو تحديد المبادئ العامة المٌوَجِهَة لأنشطة اللجنة وإستراتيجيتها العامة فيما يتعلق بتنظيم المسابقات ، فهذه الإستراتيجية هي التي ستساعد الدولة على جذب أفضل  المواهب وألمعها في مختلف التخصصات للاحتفاظ بها والاستفادة من خبراتها في القطاعات المستهدفة بما يتماشى مع سياستها في مجال استقطاب أصحاب الكفايات والمهارات المتميزة . وسيكون دليلا عمليا يٌمْكِنٌ لأعضاء اللجنة الوطنية للمسابقات استخدامه لتنفيذ عمليات اكتتاب إبداعية وفعالة وشفافة . وهذا ما سَيٌمَكِنٌمن تطوير أنشطة اللجنة بصفة حديثة تستجيب  لحاجة الفاعلين والشركاء في المسابقات ، من لجان تحكيم ومرشحين ومصححين ومراقبين وكذلك المؤسسات الحكومية المستفيدة من الاكتتابات ، من حيث الإجراءات والأدوات والتوجيهات الضرورية لإتمام المهام الموكلة إليهم وعند الاقتضاء الامتثال للتعليمات . كما سيتضمن هذا الدليل الخطوط العريضة لسياسة إصلاح اللجنة من الداخل والارتقاء بها إلى مستوى عال من المهنية والمسؤولية .

 

مراجعة وتحديث المنصة الإلكترونية لإعلانات اللجنة :

 

تتضمن هذه المراجعة الإعداد الجيد لإعلانات المسابقات وضبط المصطلحات المستخدمة حيث يكثر الخلط في هذه الإعلانات بين معاني مفاهيم مختلفة كالاكتتاب والاستقدام والتعيين والتوظيف والمنافسة ، وهي مصطلحات يجري أحيانا استخدام بعضها مكان بعض دون مراعاة للوظيفة العملية أو الدلالة اللغوية والاصطلاحية ولا سِيَّمَا عندما يتم الانتقال من لغة ( العربية ) إلى أخرى ( الفرنسية  ) والعكس صحيح . كما أن إعلانات اللجنة عن المسابقات ينبغي أن تكون واضحة ومفهومة وجذابة ومٌوَسَعَة بحيث تشمل التعريف بالوظائف الشاغرة والخبرات والمؤهلات العلمية المطلوبة من المرشحين هذا فضلا عن الامتيازات المتربة على الاكتتاب في هذه الوظائف . كل ذلك سيجعل إقدام المرشحين إلى المشاركة يحصل عن وعي وسيساعد أيضا على الحصول على عدد كاف من المرشحين الجيدين لإجراء اختيار حقيقي . 

 

الدكتور / سيدي محمد يب احمد معلوم 

خبير في  إدارة عمليات الاكتتاب والمسابقات

أحد, 06/11/2022 - 00:39