يعتبر البرلمان هو التجسيد الحقيقي لسلطة الشعب ، هذه السلطة التي تستند إلى مبدإ حكم الشعب نفسه بنفسه وهو مطابق لحكم الشورى في الاسلام .
وجرت العادة أن تتنافس الأحزاب من خلال برامجها السياسة على أصوات المواطنين الذين يختارون ممثليهم في قبة البرلمانية عبر عملية تصويت مباشرة وشفافة .. وجرت العادة أن هذه البرامج التي تروج لها الأحزاب السياسية هي انعكاس لقراءة هذه الأحزاب لواقع المجتمع ومعاناته وتقترح الحلول الناجعة لهذه المشاكل، وهنا نصل إلى المناضل السياسي الذي يتبنى هموم مواطنيه ويدافع عنها ضمن الأطر الحزبية المعترف بها.
وهكذا تشكلت طبقة من السياسيين في موريتانيا مهتمة بالشأن العام وتعيش مع المواطن في ظروفه وتعاني من اكراهات حياته اليومية .. وعندما بدأ الانفتاح الديمقراطي سنة 1991 بالتصويت على دستور يتضمن التعددية الحزبية وبرلمانا للشعب، تم تنظيم أول انتخابات تشريعية سنة 1992 ، وبالرغم من العيوب التي شابت عملية التصويت إلا أننا حصلنا في النهاية على جمعية وطنية من السياسيين ومن الفئتين المناضلة والحزبية ..
ولكن مع الوقت تغيرت صورة ممثلي الشعب في الجمعية الوطنية وطغى عليها طابع التجار ورجال الأعمال وانحسر حضور السياسيين إلا عن عدد قليل من النواب يتخذ من مقاعد المعارضة عنوانا له .. فكيف تحول رجل الأعمال إلى ناطق بمعاناة المواطن العادي وهو أصلا جزء من المشكلة وطرف في هذه المعاناة؟
لماذا رضي رجال السياسة من الأغلبية إلى ترك مواقعهم لحفنة من رجال الأعمال لا تمثل إلا نفسها ومصالحها ؟ لماذا يرضى الناخب أن يصوت لمرشح _ رجل أعمال_ يبحث عن وسيلة لتقوية نفوذه و توسيع رقم أعماله بفرض إرادته على الحكومة من خلال الشعار الذي يتمنطق به ومكتوب عليه عبارة : نائب ؟
إن المواطن الذي يساعد في وصول رجل الاعمال إلى قبة البرلمان يرمي بمصالحه العامة عرض الحائط .. فهل سيطالب "النائب رجل الأعمال" بالحد من ارتفاع الأسعار في جلسات المداولات وهل ستكون مطالبته تلك صادقة؟ وهو السبب في ارتفاع الأسعار..
ويعاني برلماننا المنتهية ولايته من وجود عدد من رجال الأعمال ليس لها شأن بحياة المواطن المطحون وهمومه اليومية ولكنها خطفت إرادة الناخب العادي في اختيار السياسي المناضل الذي سيوصل همومه إلى أصحاب القرار ..
في كل الدوائر الانتخابية اليوم هناك رجال أعمال تم اختيارهم من طرف رؤساء الأحزاب السياسية لأسباب مادية ونفعية واضحة والنتيجة ستعود بالنفع لؤلئك النواب _ رجال الأعمال وسيظل المواطن الذي هو حجر الزاوية الحاضر الغائب ..
يا رؤساء الأحزاب السياسية اتركوا عنكم ترشيح رجال الأعمال في هذه الدورة الانتخابية القادمة واختاروا مرشحين من أبناء الشعب تنبض قلوبهم بهمومه ومشاكله خصوصا وأن الحكومة ستساهم في تمويل الحملات الانتخابية لأحزابكم السياسية ..
أنتم اليوم على موعد مع التاريخ لتصحيح اختلال نظامنا الانتخابي ومطالبون بتقديم مرشحين من الشعب وإلى الشعب ، وقد آن الأوان أن تعرفوا أن رجل الأعمال هو جزء من المشكلة وليس وسيلة لحلها ..
سعدبوه ولد محمد المصطفى