من الغباء الاعتقاد بأن إصرار الرئيس (المؤسس) لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية؛ محمد ولد عبد العزيز، على خلق جو من الخلاف (العميق) والصراع (الحاد) بينه وبين الرئيس الذي استلم منه السلطة مطلع أغسطس الماضي؛ محمد ولد الشيخ الغزواني، يأتي من فراغ أو دون تفكير وتدبير وتخطيط...
ما فهمته، شخصيا، من هذا الإصرار ومن تصريحات ولد عبد العزيز، خلال مؤتمره الصحفي الأخير، هو أنه يسعى -جاهدا- لحصر أي تحرك محتمل في اتجاه مساءلته أو مقاضاته حول شبهات فساد ضخمة من غير الممكن تجاهلها أو محاولة السكوت عليها نظرا لما قد يترتب عليها من تبعات اقتصادية وسياسية بالغة الخطورة على أمن واستقرار ومستقبل البلد؛ ضمن دائرة «الاستهداف السياسي» أو «تصفية الحسابات» ذات الطابع السياسي البحت..
ورغم نفي الرئيس ولد الشيخ الغزواني، في مقابلته مع صحيفة Le Monde الفرنسية وجود أي خلاف يذكر بينه وبين سلفه؛ بذل هذا الأخير كل ما أوتي من جهد مادي ومعنوي في سبيل تنظيم خرجة إعلامية يجعل جميع الموريتانيين شهودا عليها من خلال بثها عبر محطة إذاعية وقناة تلفزيونية محليتين، حتى يقول ويكرر أن كل ما يتردد من حديث عن خلاف بينه وبين الرئيس الحالي يتعلق - خصرا - بالأحقية في قيادة وتوجيه الحزب الحاكم، وليس بأي شيء آخر..
إستراتيجية سبق أن اعتمدها الزعيم الدرزي اللبناني المخضرم، وليد جمبلاط، عندما تحول من حليف قوي لسوريا إلى أكبر مناوئ لها ومطالب بسحب قواتها من لبنان، بل واتهمها بالضلوع في اغتيالات سياسية هزت لبنان خلال العشرية الأولى من الألفية الحالية؛ ليعود لسابق عنده معها بعد انسحاب القوات السورية كليا من لبنان؛ ويتبين أنه إنما أراد وضع نفسه في «مأمن» من الاغتيال لإدراكه بأن سوريا تدرك قبل غيرها أن أصابع الاتهام، في حال وقع له مكروه، سوف توجه - بشكل تلقائي - نحو دمشق !